جولة الصباح الاخبارية: بري يعيد احياء مبادرته.. الحريري في عين التينة وتحرك خارجي مساند
لم تظهر بداية الاسبوع، اي نوع من الانفراج على الصعيد الحكومي، بل أن الأمور زادت تعقيداً، وباتت مبادرة الرئيس نبيه بري الخيار الوحيد المتاح، وهي تخطت البعد المحلي، إلى موافقة على آلياتها، عربية وإقليمية وأوروبية ودولية. وهذا ما دفعه الى التأكيد ان مبادرته مستمرة وأنه لن يسمح بالعبث بالدستور.
الاّ ان هذه المبادرة اصطدمت أمس بردود الفعل على كلامه حول الموضوع الحكومي، اذ غمز من قناة كل من رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل ورئيس الجمهورية ميشال عون، معتبراً أن “تمسك البعض بشروط تعجيزية سيزيد في تعقيد الأمور وليس انفراجها”، وإنه “من موقعي كرئيس لمجلس النواب، حريص جداً على احترام الدستور وتطبيقه ولن أسمح باستهدافه أو تجاوزه أو خرقه تحت أيّ مسمّيات”. وهو ما يعدّ وفق مصادر عونية “نسفاً للمبادرة، لا بل دليل واضح على أن لا مبادرة في الأساس، بل مجرد محاولة لتغليب كفة على أخرى مع تعمّد تصويرها كحلّ حتى يظهر جبران باسيل كمعرقل ولتسجيل نقاط سياسية.”
في هذا الوقت دخل حزب الله وبقوة على خط التأليف، وكان واضحاً الخطاب العالي النبرة لرئيس المجلس التنفيذي في حزب الله السيد هاشم صفي الدين، الذي وصف المشكلة بأنها “ليست في النقاط التي يقال إنها محل خلاف، المشكلة أننا نواجه بعض السياسيين الذين يريدون أن يتوصلوا الى تحقيق مآرب شخصية عادية لهم، لم يتمكنوا من تحقيقها في الأيام الطبيعية ويتوسّلون عذاب الناس وألم الناس من أجل تحقيق هذه المصالح، وهذا بعض الحقيقة”، أثار موجة من التحليلات حول من قصد صفي الدين، وقد صبّت جميعها في خانة أن المقصود في هذا الخطاب كان رئيس التيار الوطني الحر، حتى إن العونيين أنفسهم وضعوه في إطار الهجوم على باسيل، بحسب “الأخبار”.
الحريري عند بري اليوم
وسط هذه الأجواء، من المتوقع ان يزور الرئيس سعد الحريري اليوم عين التينة قبل الظهر، ويلتقي الرئيس نبيه بري، وبحسب المعلومات فان الحريري لن يعتذر مفسحاً في المجال امام إيجاد حل أو مخرج، ترددت معلومات انه من الممكن أن يقدّم الحريري تشكيلة حكومية جديدة على قاعدة الـ 24 وزيراً ، وفي ضوء موقف الرئيس ميشال عون منها، سيحدد ما اذا كان سيعتذر ام سيستمر في التكليف. ورجحت المعلومات انه في حال قرر الرئيس الحريري تقديم تشكيلة جديدة، فان ذلك سيكون محور لقاء عين التينة اليوم بين بري والحريري، علماً ان بري يمضي في التشاور مع خلية الازمة في قصر الاليزيه وسيستقبل اليوم أيضا السفيرة الفرنسية ان غريو.
وكشفت مصادر مواكبة للملف الحكومي لـ”نداء الوطن” أنّ بري طلب بدوره من “حزب الله” وضع حد لـ”دلع” رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل، موضحةً أنّ “رئيس المجلس طالب قيادة “حزب الله” بأن تمارس ضغطاً أكبر على باسيل لحثه على التعاون والإقلاع عن سياسة وضع العراقيل وابتداع العقبات تلو العقبات لإفشال المبادرة الحكومية”.
وكان بري قد استمهل الرئيس المكلف سعد الحريري قبل الإقدام على خطوة الاعتذار عن عدم التأليف ريثما يتضح مآل جهود “الفرصة الأخيرة” التي سيبذلها المعاون السياسي للأمين العام لـ”حزب الله” حسين الخليل في سبيل إقناع باسيل بضرورة المضي قدماً في عملية تدوير الزوايا الحادة للخروج بصيغة حكومية توافقية لتشكيلة “محدّثة” من 24 وزيراً يحملها الرئيس المكلف إلى قصر بعبدا لوضع اللمسات الأخيرة عليها مع رئيس الجمهورية تمهيداً لإصدار مراسيم تأليفها.
لكن وبخلاف ما تردد مساءً من أنّ الحريري يعتزم زيارة قصر بعبدا في اليومين المقبلين لتقديم تشكيلته المحدّثة، أكدت مصادر واسعة الاطلاع أنّ “الحريري، وإن كان سيعمد في نهاية المطاف إلى تقديم مثل هذه التشكيلة لوضع الجميع أمام مسؤولياتهم، لكنّ ذلك لن يكون خلال الساعات المقبلة لأنه ما زال ينتظر أجوبة وأرضية جاهزة يبني عليها إقدامه على هذه الخطوة”، لافتةً إلى أنّ التواصل سيتكثف بين عين التينة وبيت الوسط، وقد يعمد الرئيس المكلف في ضوء ما سينقله إليه المعاون السياسي لرئيس المجلس النائب علي حسن خليل، إلى زيارة بري اليوم للتداول بالمستجدات وبإمكانية إحداث خرق في جدار التأليف إذا صدقت النوايا والجهود على مستوى الاتصالات الجارية بين “حزب الله” وباسيل.
وفي المقابل، تؤكد المصادر أنّ قرار تجميد خيار الاعتذار “بفعل تمنيات داخلية وخارجية”، سيبقى مرهوناً بسرعة إحداث تطور إيجابي في المواقف، وإلا فإن الحريري أكد أمام الجميع أنه “لن يبقى مكتوف اليدين طويلاً ولن يقبل بأن يستمرّ متفرّجاً على انهيار البلد بوصفه رئيساً مكلفاً غير قادر على التأليف”.
تحرك دولي باتجاه لبنان
هذا داخلياً، أما خارجياً فرأت المصادر لـ”البناء” أن المناخات الدولية والإقليمية تقترب من التأثير على لبنان، سواء بما يمثله إنجاز الاتفاق النووي من مناخات إيجابية في المنطقة، مع تقدم الحوار السعودي الإيراني، والاقتراب من صياغة تسوية تنتج وقفاً للنار في اليمن، وما تتوقعه بعض الأطراف الأوروبية من نجاح قمة بايدن بوتين بإنتاج مبادرة نحو حلّ في سورية، تريح الأميركيين من عبء البقاء في سورية والعراق، وتنهي التأزم في العلاقة الأميركيّة التركيّة حول الملف الكردي، وتمنح روسيا وحليفيها في سورية وإيران فرصة تحقيق إنجاز إنهاء الحرب بشروطهم.
وفي هذا الإطار، علمت “اللواء” من مصادر دبلوماسية واسعة الاطلاع، ان فريق الأزمة في الاليزيه، أجرى أمس الأوّل، جملة اتصالات تركزت بصورة خاصة مع رئيس المجلس والرئيس المكلف، من زاوية الحاجة إلى استمرار المبادرة وعدم الذهاب إلى الاعتذار، نظراً لتداعياته غير المحسوبة.
وكان مسوؤل فرنسي رفيع قد نفى لـ”النهار” “ما تردّد في شأن تأييد فرنسا تسلّم فيصل كرامي رئاسة الحكومة مشدداً على أن فرنسا ما زالت مستمرّة في تأييد الرئيس المكلّف سعد الحريري لتشكيل حكومة تخرج لبنان من الأزمة، وتطابق خريطة طريق الرئيس الفرنسي ماكرون”.
وكشف المسوؤل الفرنسي لـ”النهار” إن “العقوبات الفرنسية على بعض المسؤولين تمّ وضعها، ولكنه لن يكشف عن الأسماء؛ لافتا الى انه جرى ابلاغ الذين منعوا من الدخول إلى الأراض الفرنسية والحصول على تأشيرة شنغن. واكد ان باريس لن تعلن الأسماء، ولكنّها نفّذت العقوبات التي في الإمكان إلغاؤها، إذا انتهى تعطيل تشكيل حكومة.