اللحوم المدعومة غائبة… محطات البنزين تبيع بـ”القطارة”
يثقل الفقر المدقع والغلاء على جيوب المواطنين وبطونهم، في ظل أزمة اقتصادية ومعيشية خانقة، باتوا كالهائمين على وجوههم يبحثون عبثاً عن كل شيء مدعوم، بعد الزيت والسكر والرز والحليب، جاء دور اللحوم، اختفت من الاسواق، ما دفع العشرات من القصابين في صيدا ومنطقتها والزهراني الى اعلان الاضراب للمطالبة بتأمينها مجدداً.
وفيما أغلقت غالبية الملاحم مع الارتفاع المطرد بسعر كيلو اللحمة بات كثير من اللبنانيين يشتهونها، بعدما انعدمت قدرتهم على شراء ولو القليل منها، وحتى مرقة “ماجي” التي شكّلت البديل المتواضع، ارتفع سعرها وفقدت من السوبرماركت ليحلّ نوع آخر مكانها، ما يؤشّر الى تفاقم الازمة يوماً بعد آخر.
وأوضح رئيس نقابة القصابين في صيدا علي الدرة لـ”نداء الوطن” أنّ المدينة محرومة من اللحمة المدعومة منذ اشهر عديدة، وما يجري ذبحه في المسلخ غير مدعوم، وقد تقلّص العدد في الوقت الذي تراجعت فيه قدرة الناس على الشراء إرتباطاً بسعر صرف الدولار الاميركي، مشيراً الى أنّ النائبة بهية الحريري اجرت اتصالاً مع احد التجار في البقاع لتأمين اللحمة المدعومة وننتظر خيراً، علماً أنّ هناك جهوداً ونفقات اضافية لجهة الآلية والترتيب والدفع والتوزيع وخلافها”.
ولم يُخفِ الدرة استياء قصابي المدينة من غياب اي “كوتا” لهم من اللحمة المدعومة، قائلاً: “كنّا نذهب الى بيروت أو الجنوب أو الزهراني لشراء الابقار والعجول لتوفير بعض المال ولكنّ اللحمة المدعومة اختفت، ولم يجدوا حلاً سوى الاقفال الموقّت بانتظار الفرج”، مشيراً الى أنّ كيلو اللحمة غير المدعوم يباع بنحو (55- 60) الف ليرة لبنانية، بينما المدعوم منه يباع بنحو (40-45)، مؤكّداً أنّ نسبة شراء اللحوم تراجعت تدريجياً، وقد بلغت نحو 40% عن السابق، ما يشير الى ضائقة مالية غير مسبوقة، موضحاً أنّ “بعض العائلات المتعفّفة تضطر الى شراء لحمة بألفين أو خمسة آلاف كي تنجز طبختها التي لا غنى عن وجود اللحمة فيها”. في السوق التجاري، أقسمت الحاجة مريم بيضون أنّها لم تدخل الى اي ملحمة منذ أشهر، وقالت بحرقة: “كنا نعيش في نعمة كبيرة، لم تكن اللحوم ولا الدجاج يغيبان عن البرّاد والثلاجة في معظم البيوت، اليوم باتت منالاً صعباً وطعاماً يشتهى، ولا اذيع سرّاً في المناسبات والاعياد فقط ولمن استطاع اليه سبيلاً، بالكاد نؤمن لقمة العيش في ظل الغلاء وارتفاع الاسعار، لقد انطبق المثل الشعبي “اشتهي ولا تذوق”.
واقفال الملاحم ليس الوحيد، اذ انضمّت اليه محطات الوقود التي تعيش الفوضى والمزاجية، باتت تبيع البنزين بالقطارة، كمية محدودة من جهة ولساعات معدودة من جهة أخرى مع استثناء ووساطة، كل ذلك بانتظار التسعيرة الدورية بهدف المزيد من الربح المادي في ظلّ توقّعات برفع الدعم الرسمي وارتفاع سعر صفيحة البنزين أو قلة الكميات الموزعة أو التهريب، ما شكّل عبئاً اضافياً على الناس وخاصة سائقي الاجرة “التاكسي”.
وبين الاقفالين، لاحظ الصيداويون اختفاء انواع واصناف من المواد الاستهلاكية والغذائية بشكل لافت عن المراكز التجارية والسوبرماركت، وحتّى بعض البديل عنها، وارتفاع اسعار بعضها بشكل مضاعف مع الفصح المجيد وعلى ابواب شهر رمضان المبارك حيث ترتفع الاسعار من دون أي اسباب سوى رغبة الناس بالتزود بها.
محمد دهشة – نداء الوطن