أدوية إيرانية غير مرخصة.. شركة لاستيراد المواد الغذائية تتحول لاستيرادها
كتب جوني فخري في العربية:
عاد ملف إدخال أدوية إيرانية الصنع إلى لبنان إلى الواجهة مجدداً من خلال الإخبار الذي قدّمه قبل يومين محامون أمام النيابة العامة التمييزية في بيروت، وذلك بعد تكرار محاولات إدخاله إلى لبنان، بتسهيل من وزارة الصحة التي باتت من حصة حزب الله منذ العام 2018 وحتى اليوم.
فقد قدّم المحامون، مجد حرب وإيلي كيرللس وأمين بشير إخباراً حول إدخال أدوية إيرانية الصنع بديلة (Bio similar)إلى لبنان، بسبب مخالفتها لمعايير منظمة الصحة العالمية وللأصول والإجراءات القانونية والإدارية المعتمدة لتسجيل الأدوية والمستحضرات الصيدلانية في لبنان.
لم تخضع لاختبارات
وأوضح حرب لـ”العربية.نت” أن “الأدوية الإيرانية مُدرجة على صفحة وزارة الصحة منذ أكثر من سنة وموجودة في السوق، غير أن أدوية “البيو-مشابه”، المُصنّفة “خطرة” لاحتوائها على خلايا حيّة وتضرّ بصحة المريض، هي التي دفعتهم إلى تقديم إخبار، لأنها لم تخضع للاختبارات في مختبرات مرجعية خاصة”.
ومنذ أكثر من عام، دخل إلى السوق اللبنانية نحو 13 دواءً إيرانياً بديلاً (Bio similar)، تستخدم لأمراض كثيرة، منها للأطفال وللأمراض المُزمنة والتهاب المفاصل ومعظم أنواع السرطان. وباتت تُباع في لبنان بشكل طبيعي.
ومنذ أن دخلت الأدوية الإيرانية البلاد، بدأت القضية تتفاعل عند الرأي العام اللبناني خشية من عدم تطابقها مع المعايير الصحية المُعتمدة.
وعلى الرغم من تعهّد وزير الصحة حمد حسن إرسالها الى مختبرات أوروبية وإخضاعها لتجارب سريرية، إلا أنه وحتى اليوم لم يفعل شيئاً وهو ما شكّل دافعاً لهؤلاء المحامين للتحرّك كما قال حرب.
أسرع قرار قضائي
غير أن المُستغرب بالقضية بحسب حرب “أن مدعي عام التمييز حفظ الإخبار المقدّم بعد أربع ساعات من تقديم الدعوى، ما يُشكّل سابقة في تاريخ الجمهورية اللبنانية، في وقت كان يُفترض أن يفتح تحقيقاً بدخول الأدوية الإيرانية الى لبنان بطريقة غير شرعية ومعرفة تأثيرها على المرضى بعد استشارة أصحاب الاختصاص، لكن للأسف قرر المدعي ردّ الإخبار (مؤلّف من 24 صفحة) بسبب غياب الأدلة الدامغة وأنه لا يوجد جرم في القضية على حدّ تعبيره”.
ورأى مدّعي عام التمييز القاضي غسان عويدات، وفق “الوكالة الوطنية للإعلام”، أنّ الشكوى “لا تتضمن ما يُشكّل شبهة في إقدام أيّ من الأشخاص المذكورين أعلاه، على إدخال أدوية إيرانية المنشأ، بقصد جلب منفعة شخصية، أو أنّ هذه العقاقير تشكّل ضرراً بصحّة الإنسان”، مشيراً في قراره إلى أنّ “بتّ قانونية قرارات وزير الصحّة بإدخال أدوية إلى لبنان يخرج عن صلاحية النيابة العامّة، لذلك تقرر حفظ الشكوى لعدم وجود ما يبرّر اتخاذ أيّ إجراء قضائي فيها”.
تجربة المكسيك وفنزويلا
في حين أوضح حرب قائلا “استندنا في الإخبار إلى تجربة المكسيك وفنزويلا، حيث استخدمت هذه الأدوية الإيرانية (بيو-مشابهة) من دون إخضاعها للتحليلات المطلوبة، وتبيّن بعد فترة أن عدداً من المرضى الذين تناولوها توفوا سريعاً، لذلك اضطرت السلطات في المكسيك وفنزويلا الى سحبها من الأسواق”.
كما أضاف “كنّا نتوقّع أن يفتح القضاء تحقيقاً بملف الأدوية الإيرانية، لكن تفاجأنا بختمه بسرعة قياسية، لكن مع ذلك لن نتوقّف عمّا نقوم به، وسنلاحق القضية حتى النهاية، وقد نلجأ لاحقاً الى تقديم شكوى”.
من جهته، رفض مستشار وزير الصحة، الردّ على الإخبار المُقدّم معتبراً “أن قرار مدّعي عام التمييز القاضي غسان عويدات أبلغ ردّ”.
شركة بلا قيود في السجل التجاري
يشار إلى أن تلك الأدوية الإيرانية دخلت إلى لبنان عبر شركة Lebiran ش.م.م التي لم تستكمل ملفھا وفقاً للأصول قبل البدء باستیراد وبیع ھذه الأدویة كما جاء في الإخبار الذي اطّلعت عليه “العربية.نت”، كما أنه لم یتبین وجود أي قیود لھذه الشركة في السجل التجاري.
من جهته، أوضح عضو “القمصان البيض” الدكتور هادي مراد الذي يتابع الموضوع منذ البداية، لـ”العربية.نت” “أن هذه الشركة كانت مُسجّلة على أساس أنها شركة لاستيراد المواد الغذائية، إلا إنها تحوّلت إلى شركة لاستيراد الأدوية، وهذا ما يضع علامات استفهام حولها وحول هوية مالكيها، لاسيما أنها غير مُسجّلة في السجل التجاري في بيروت وبعبدا على أنها شركة لاستيراد الأدوية.، بحسب قوله.
إلى ذلك، أشار مصدر صحي مطّلع على الملف لـ”العربية.نت” “أن الأدوية الإيرانية عندما وصلت إلى لبنان عام 2018 لم تخضع للفحوص ولا لموافقة اللجنة الفنية في الوزارة، لأنه وبحسب أصول تسجيل الأدوية، يُرفع الطلب إلى اللجنة المؤلفة من طبيبَيْن وصيدليَّيْن و4 أعضاء آخرين لتمنح موافقتها بعد استيفاء كل الشروط منها إخضاعها لفحوص مخبرية لاحقة، فيُعتمد الدواء ويُصبح قانونياً”.
تسجيل سريع ومشبوه
كما استغرب المصدر “كيف تم تسجيل الأدوية الإيرانية في وقت سريع في حين أن أصول التسجيل تمرّ بمراحل عديدة أبرزها التجارب السريرية تحت إشراف مختبرات مُعترف بها دولياً، لاسيما من منظمة الصحة العالمية وهو ما لم يحصل، وهذا يدل إلى أن حزب الله يستغل وزارة الصحة لصالح مشروعه الخاص وعلاقته بإيران”.
وقال “وزير الصحة الحالي حمد حسن، كان وعد منذ أكثر من عام بإرسال الأدوية الإيرانية (Bio similar) إلى مختبرات في أوروبا لتحليلها وإخضاعها لتجارب سريرية إلا أنه لم يفعل، من هنا نستغرب كيف تم تسجيلها بسرعة من دون أن تمرّ بهذه المراحل وخلافاً لتوصيات اللجنة الفنية المتخصصة في الوزارة التي وافقت على إدخالها السوق اللبنانية لكن بعد إتمامها الشروط المطلوبة”.
أدوية غير موجودة في الصيدليات
ونادراً ما تُستخدم أدوية البيو-مشابهة في وصفات الأطباء، خصوصاً التي تُعطى لمرضى السرطان والكلى، لأنها غير موجودة في الصيدليات كما أوضح وزير الصحة السابق محمد جواد خليفة لـ”العربية.نت”، فهي تُعطى من قبل وزارة الصحة مباشرةً”.
بدوره، أوضح مُنسّق مجلس “القمصان البيض” الدكتور جورج غانم لـ”العربية.نت” “أن الأدوية (بيو-مشابهة) دقيقة جداً وتخضع لاختبارات عديدة في أهم المختبرات المعتمدة قبل طرحها في الأسواق، من هنا كان تحرّكنا إلى جانب مجموعة محامين، لأن لدينا شكوكاً حول الأدوية الإيرانية الموجودة”.
وأشار إلى “أن السوق اللبنانية لا تستورد إلا الأدوية ذات الجودة العالية ومرجعياتها محط ثقة دولية، لكننا منذ فترة بتنا نفقد ذلك، إذ تحوّلت الأدوية إلى تجارة ربحية ولتحقيق أهداف سياسية على حساب صحة اللبنانيين، وهو ما دفعنا كجسم طبّي إلى التحرّك”.
يذكر أنه منذ أن استلم حزب الله وزارة الصحة في العام 2018، برزت مسألة الأدوية الإيرانية، حيث عمد وزراؤه إلى تسجيل 24 دواءً إيرانياً قُدمت طلبات تسجيلها إلى وزارة الصحة التي وبحسب الإجراءات المرعية، ترفع الطلب إلى اللجنة الفنية التابعة للوزارة والمؤلفة من طبيبَيْن وصيدليَّيْن و4 أعضاء آخرين لتمنح موافقتها بعد استيفاء كل الشروط، فيُعتمد الدواء في السوق المحلية.