هل تضيع ثروة لبنان البحرية؟

كشف خبير قانوني مواكب لعمليات ترسيم الحدود البحرية اللبنانية، أن لبنان يقف حالياً أمام تحديات بارزة لجهة تثبيت وحماية حقوقه وثروته النفطية، وحدّد طابعين لهذه التحديات، حيث أنه اعتبر أن الأولى وهي الحقوق البحرية جنوباً ترتدي طابع “الطوارىء”، فيما الحقوق في المياه الإقليمية شمالاً تحمل طابع “العجلة”، وبالتالي، فإن الفرصة المتاحة أمام لبنان للحفاظ على ثروته في الغاز والنفط في الجنوب، قصيرة زمنياً ولم تعد السلطة اللبنانية قادرة على تجاوز المِهَل التي حدّدتها إسرائيل لبدء أعمال التنقيب والشَفط في أواخر العام الجاري، والتي لن تنفع بعدها أية تحرّكات أو مراسلات أو إعتراضات في كل الإتجاهات الدولية.
ومن ضمن هذا السياق، حذّر الخبير نفسه، من إهمال التحرّك المُلِحّ المطلوب من أجل الحؤول دون ضياع الحقوق اللبنانية، وطالب الحكومة بالإسراع في تنفيذ واجباتها، والتي ُتختَصَر بتعديل المرسوم رقم 6433 لحفظ حق لبنان في مياهه وغازه وثرواته بقوة الحق، ويقطع الطريق على عمليات التنقيب والشَفط في حقل “كاريش” المُتنازَع عليه. وشددّ على أهمية العمل بكل الوسائل لتحقيق نتائج فاعلة في الأشهر القليلة الفاصلة عن نهاية العام 2021.
في موازاة ذلك، تحدث الخبير، عن المياه الإقليمية شمالاً، وذلك مع الإعلان عن بدء أعمال الإستكشاف من قبل شركة “كابيتال” الروسية في البلوك رقم 1 في المياه السورية، بعدما صادَقت دمشق على تلزيم البلوك المذكور لهذه الشركة الروسية، مع العلم أن هناك جزءً متنازعاً عليه مع لبنان، والقانون الدولي يمنع أي شركة من العمل في منطقة متنازَع عليها.
ولذا، فإن لبنان اليوم مُطالَب بالإعتراض على بدء عمليات المَسح، وذلك من خلال مراسلة ديبلوماسية إلى الأمم المتحدة، كون السكوت، وبحسب القانون الدولي أيضاً، يعني اعترافاً أمام المجتمع الدولي وتنازلاً عن الحق اللبناني في الثروة البحرية شمالاً. واستدرك أن الإستكشاف قد يبدأ الآن، ولكن التنقيب وأعمال الشَفط، لن تتمّ قبل 4 سنوات على الأقل.
وعليه، فقد أوضح الخبير نفسه، أن الدولة اللبنانية قامت بترسيم الحدود شمالاً في العام 2011، واعتمدت تقنية قانونية مشهورة، تعتمد على خط الوسط، وهو خط متساوي الأبعاد بين الساحلين اللبناني والسوري، لكن سوريا اعترضت على هذا الترسيم في الأمم المتحدة، ولكنها لم تعلن موقفها، بل اكتفت برفض الإعتراف بالترسيم اللبناني. وكشف أن الموقف السوري اتضح لاحقاً من خلال قيام سوريا بفتح دورة التراخيص لتلزيم شركات أجنبية بالتنقيب عن النفط في العامين 2007 و2011، بعدما قسّموا البحر إلى 3 بلوكات معتمدين تقنية “خط العرض”، المختلفة عن التقنية اللبنانية، فكان التداخل في البلوك السوري رقم 1 مع لبنان.
ولفت إلى أنه من الناحية النظرية، فإن خطراً يتهدّد الثروة النفطية شمالاً، إذ قد تقوم الشركة الروسية بالتنقيب في المياه الإقليمية اللبنانية، وبالتالي، يجب على لبنان الإعتراض أمام الأمم المتحدة، كما يجب التواصل مع سوريا أولاً من أجل استيضاح موقفها، وإذا استمر الخلاف، فإن الرسالة الإعتراضية تصبح ضرورية.
وخلص الخبير ذاته، إلى التأكيد بأن الإعتراض كفيل بوقف كل الأعمال في المناطق المُتنازَع عليها سواء في الجنوب أو في الشمال، وهو ما قامت به إسرائيل التي تملك 4 بالمئة من حقل غاز في المياه القبرصية، فأوقفت الحَفر منذ عشر سنوات ومنعت قبرص من استغلال ثروتها، ولبنان الذي يملك 20 بالمئة من حقل “كاريش” في الجنوب، يستطيع منع إسرائيل من القيام بأعمال الحَفر والتنقيب.
بقلم فادي عيد – lebanon debate