ستريدا جعجع: التغيير آت لا محالة
أكدت النائبة ستريدا جعجع أنّ “علاقتها مع البطريرك الماروني مار نصرالله بطرس صفير بدأت بعد اعتقال قائد القوات اللبنانية سمير جعجع في 21 نيسان 1994، ومنذ ذلك الحين أصبحت تزور البطريرك بشكل دوريّ أسبوعيّ لكي تطلعه على ظروف اعتقال جعجع، ولكي تطّلع منه في المقابل على مسار الأمور لأن الضغط في البدايات كان كبيرًا جدا وفي كلّ الاتجاهات وحتّى على الكنيسة”.
ولفتت جعجع في حديث الى “لبنان الحر” الى أن “العلاقة مع البطريرك صفير تطوّرت أكثر فأكثر وصولاً الى العام 2005 عندما كان تعاون بيننا في سبيل القضية الكبرى وخروج الدكتور جعجع من الاعتقال”.
وأكدت “الدور المهم الذي لعبه البطريرك صفير في الفترة التي كان فيها جزء من القيادات المسيحية منفيًا، وجزء منهم تحت الأرض. وقالت: “يومها تعاوننا كان على المستوى الوطني بداية، فصحيح أننا كنا حزبًا منحلاً ولكن مع ذلك كنّا ناشطين”. وأضافت: “تم حلنا على الورقة والقلم ولكن فعليا كنّا ما زلنا موجودين”. وأعلنت أن “البطريرك صفير لعب دورا كبيرا جدا لكي يظهر أن رئيس حزب القوات اللبنانية هو معتقل سياسي وليس سجينًا عاديًا. كما لعب دورًا كبيرًا للمساهمة في خروج الحكيم من الاعتقال وخروج لبنان في تلك الفترة من الهيمنة السورية”.
ورداً على سؤال عن أسباب تطوّر موقف البطريرك صفير الذي كان حذراً في البداية في مقاربة موضوع تفجير كنيسة سيدة النجاة قبل أن يعود ليشكل بعدها رأس حربة رفضًا للتنكيل بحق القوات اللبنانية، قالت جعجع :”علينا أن نعرف بداية لماذا تريث البطريرك صفير في موقفه، فالبطريرك أدرك الضغط الكبير الذي كان يمارس عليه شخصياً مثلاً عندما كان يزوره المحقق العدلي جوزيف فريحة أو فلان أو فلان (لن أدخل بالاسماء الآن)، لم يفسح المجال للبطريرك صفير والكنيسة بتحديد موقف، لأن التخطيط كان بأن يقال إن سمير جعجع مجرم ومفجّر كنيسة سيدة لنجاة ولن حزب القوات اللبنانية له ضلع كبير في هذا الملف. ولكن حتى أهالي من استشهدوا في الكنيسة، وبالذكرى السنوية الأولى على التفجير، وخلال مشاركتها في القداس في كنيسة سيدة النجاة استقبلوها بعاطفة كبيرة شكلت مفاجئة للجميع”. وأضافت: “حينها استدرك البطريرك أن كل ما يحصل في ذلك الوقت محاولة إسكات آخر صوت حرّ يقف الى جانب الكنيسة بعد اتفاق الطائف، وأن هنالك ملفًا يتمّ خلقه للدكتور جعجع وحزب القوات اللبنانية، خصوصًا وأن الحكيم رفض مرتين أن يكون وزيرًا في الحكومة وحاولوا إخضاعه في الاتجاه الذي كانوا يريدونه. وبعد مرور 7 الى 8 أشهر توضحت الصورة أمام البطريرك صفير”.
وعن العلاقة الخاصة بين القوات والبطريرك صفير والكلام على تمييز بطريركي بين أبناء الكنيسة، نفت جعجع أن “يكون البطريرك صفير أو أيّ بطريرك آخر يميّز بين أولاده”، لافتة الى أنّ” القضية التي كانت القوات تناضل لأجلها هي التي جعلتنا نتقرّب من بعضنا أكثر فأكثر، كما أن الزيارات القواتية المتتالية لبكركي وطّدت هذه العلاقة مع البطريرك صفير وجعلتها تكون مميزة فعلًا”. وقالت: “أذكر أنّني كنت وبعد كلّ زيارة أقوم بها الى وزارة الدفاع، انتقل الى بكركي، وفي بعض الأحيان من دون موعد حتّى. وكان البطريرك صفير ينتظرني ويستقبلني بتواضعه وإصغائه”.
وأشادت “بالتواضع الملفت الذي كان يتمتّع به، وبحنانه وعاطفته التي لا يظهرها دائمًا”. وقالت: “مرّات كثيرة كنت أبكي أمامه وأنا أشرح له وضع الحكيم في المعتقل فأجده متأثرًا مثلي. ومن أهمّ صفات البطريرك صفير أيضًا، الاستقامة والعمق في أفكاره”.
وأكدت أن “البطريرك ساهم بشكل كبير جداً في انتفاضة الاستقلال والاستقلال الثاني الذي نحن فيه وما زال غير منجز لسوء الحظ”، مشيرةً الى أنه “وفي تلك الفترة لو لم يكن البطريرك صفير موجودًا في غياب القيادات المسيحية، لم يكن أحد ليعلم أين كان سيصير لبنان. واللافت في هذا الرجل الوطني الكبير ثبات مواقفه التي لا تتبدل او تتغير، وهو الذي رفض زيارة سوريا تحت ستار تفقد أبناء الطائفة المارونية لأنه كان يدرك أن زيارته ستتخذ طابعًا سياسيًا في تلك الفترة”.
وأكدت أن “هذه المواقف الثابتة والوطنية للبطريرك صفير هي التي أوصلت الاستقلال الى ما وصل اليه”.
وتحدثت عن “نداء المطارنة الموارنة الشهير الذي أنتج ولادة لقاء قرنة شهوان وأهميته في مد الجسور مع بقية الأطراف في لبنان، رغم الوجود السوري في تلك الفترة الذي كان يمنع التواصل بين اللبنانيين”. وقالت: “أدرك حينها السوريون أن اللبنانيين بدأوا بالتقارب في ما بينهم”.
وأعلنت أنها كانت” تتابع مجريات لقاء قرنة شهوان من خلال النائب الراحل فريد حبيب والنائب السابق إدي ابي اللمع موجّهة التحية لفارس سعيد الذي كان له تأثير كبير جداً في لقاء قرنة شهوان وللنائب السابق سمير فرنجية من دون أن تنسى المطران يوسف بشارة”.
وأشادت جعجع كذلك “بروح الدعابة التي كان يتمتع بها البطريرك صفير هو الذي كان قريبًا من القلب جدا ومحبّبًا”.
وعن علاقته بقضاء بشري، قالت: “إن المقر البطريركي الصيفي في الديمان له محبة خاصة عند كل البطاركة، كما أن 17 بطريركًا مدفونون حاليا في الوادي المقدس، ما يؤشر الى نضال يزيد عمره عن الـ400 عام، والنضال الذي عشناه مع صفير يشكل استكمالا للنضالات السابقة، لذلك منطقة بشري لها تأثير خاص ورمزية خاصة في قلوب البطاركة خصوصًا هذا البطريرك”.
وأكدت “التقدير الكبير الذي تكنّه مع الدكتور جعجع للراحل وعلى العلاقة العاطفية التي كانت تجمعهما به”، وقالت “لا يمكن أن نوفيه حقّه ولكنّنا نعده بعمل المستحيل لنستكمل المسيرة التي نذر نفسه لأجلها مهما كانت التضحيات، موجهة التحية للبطريرك الراعي على عمله غير السهل اليوم”.
وعن الثوابت التي تجمع البطريرك صفير والقوات تحدثت جعجع عن “ثوابت تجمع القوات بالكنسية بشكل عام وهي بالدرجة الأولى: النظرة للبنان وأي ثقافة نريد، ثقافة الحياة ام ثقافة الموت، هل نريد لبنان المتعدد، الحر؟ هناك قواسم مشتركة كبيرة جدا تجمعنا مع الكنيسة منها الحرية وسيادة وطننا”.
ووجّهت رسالة للبنانيين بأنّ “الوضع لن يستمر على ما هو عليه، مؤكدة أن” الضوء سيظهر في آخر النفق المعتم، على أمل عدم التأخّر أكثر بإنتخاب رئيس للجمهورية”.
وختمت: “التغيير آت لا محالة”.