مقالات رأي

لقاء روما الثلاثي هل يمهد لعودة الرياض إلى بيروت؟

على هامش السقوط اللبناني والارتطام الكبير والنفق المظلم الذي يدخله لبنان، تستمر المراوحة الحكومية والاستعصاء قي الحلول الحكومية، في حين لا يزال الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري خارج البلاد بين أبوظبي والقاهرة وإسطنبول، في ظل الحديث عن أن رئيس المجلس النيابي نبيه بري سيعود لتحريك عجلات مبادرته مطلع الأسبوع المقبل بانتظار عودة الحريري، حيث ينقل زوار بري عنه أن الجواب الوحيد عن مصير مبادرته بات مرتبطاً بجملة واحدة “ناطر الحريري ليرجع”.

خارجياً يسعى الفرنسيون ومعهم الولايات المتحدة الأميركية إلى استقطاب السعوديين للمشاركة في الحل اللبناني وذلك ما بدا من خلال الاجتماع الثلاثي في روما والذي ضم لودريان وبلينكن وفيصل بن فرحان، ووفقاً لمتابعين فإن هذا الحراك المتجدد يقابله تفاؤل حذر من رئيس الجمهورية والذي لا يزال يحمل الحريري مسؤولية التعطيل والتفرغ للأسفار بين عواصم العالم.

فيما يعتقد البعض أن الاجتماع الثلاثي بين وزراء خارجية فرنسا والولايات المتحدة الأميركية والمملكة العربية السعودية في روما لن يؤتي أوكله مباشرة، ومن الضروري إعطاؤه متسعاً من الوقت حتى تظهر تداعياته، لأنّ كلّ تحرّك دبلوماسي يكون بطيئاً عادةً وخاصة أن أقرب موعد للقاء بين لودريان ونظيره الأميركي سيكون في 14 تموز الجاري أي بعد أقل من أسبوعين من الآن ما يعطي المبادرة وقتها.

السعودية وحتى هذه اللحظة تبدو غير متحمسة للعودة للبنان إلا وفق تصورات كانت قد أبلغتها للمعنيين والدول التي سعت مع المملكة لإعادتها لدورها الحيوي في المشهد اللبناني

لكن الجديد في الحراك الأميركي-الفرنسي المشترك أن الفرنسيين استطاعوا إشراك السعوديين في حراكهم حول لبنان، حيث يجري الإعداد لمسعى جديد، ومن الضروري أن تكون السعودية شريكاً في الحل وجزءاً لا يتجزأ منه، وخاصة أن لباريس هواجسها في لبنان بدءاً من صورتها المهزوزة لبنانياً بعد فشلها الذريع في فرض حكومة إصلاحات وليس انتهاءً بالحذر من أي تمدد تركي محتمل في الساحة اللبنانية.

فيما السعودية وحتى هذه اللحظة تبدو غير متحمسة للعودة للبنان إلا وفق تصورات كانت قد أبلغتها للمعنيين والدول التي سعت مع المملكة لإعادتها لدورها الحيوي في المشهد اللبناني بدءاً من المصريين والفرنسيين والقطريين والروس لكنها كانت تؤكد أنها لا تريد الدخول في أي مسعى أو حل أو صيغة حكومية في الوقت الحالي.

ويأتي البيان الصادر عن الاجتماع الثلاثي في روما والذي أكد على ضرورة تشكيل حكومة سريعاً، مبهماً حول مصير سعد الحريري في المهمة التي امتشقها منذ أقل من سنة، وخاصة أن السعوديين عبر وزير خارجيتهم أكدوا عدم الخوض في الأسماء في هذه المرحلة، وترى أن الأسماء غير مهمة أمام السياسات المنتظرة من أي حكومة تجاه الخليج والمحيط العربي، ما يؤكد وفق كل المطلعين حتمية “الفيتو” السعودي على سعد الحريري، وخاصة أن البيان المشترك غاب عنه اسم الحريري وهذا مؤشر على التصلب السعودي الحاسم من الرجل وتكليفه.

وتسود في هذه المرحلة مواقف عديدة تتحدث عن نية سعد الحريري الاعتذار، لكنه يدرس التوقيت المناسب وخاصة أن فرقاء في الداخل وتحديداً بري وحزب الله لا يزالان مصرين كل من منطلقاته لبقاء تكليف الرجل، حزب الله يبدو غير متحمس لتشكيل حكومة في الوقت الحالي حتى تظهر معالم أي اتفاق أميركي- إيراني وأن أي تنازل يقدم على ذاك المذبح، فيما بري ينطلق من خصومته مع عون وباسيل.

لذا فإن الحريري يدرس اعتذاره تحت سقف رضا بري أولاً، وثانياً أن يحصد من اعتذاره مكسباً سياسياً حتى لا تأتي النتائج سلبية وعلى حسابه، بدلاً من أن تكون لمصلحته وخاصة أن الحريري بات يشعر بأن رغبة لدى فريق من الإدارة الفرنسية وعلى رأسها لودريان يفضل اعتذاره وإفساح المجال لشخصية سياسية تحظى بقبول الحريري وتخفف العقدة “العونية” وتعيد وصل ما انقطع مع السعوديين.

السعودية غير جاهزة للقيام بأي دور في أي مكان ولبنان ضمناً، ما لم تعرف تماماً ما هي المصالح التي من الممكن أن تحققها

ووفق مرجع سياسي فإن أجواء اجتماع روما الأخير انتقلت لبيروت وهذا ما جرى نقاشه بين يومين بين السفير السعودي في بيروت وليد البخاري ونظيرته الأميركية دوروثي شيا وسيستكمل بين البخاري وسفيرة فرنسا آن غريو، وما بينهما عودة الحراك الأميركي في لبنان عبر السفيرة الأميركية والتي أكدت في كل لقاءاتها التي عقدتها دعم واشنطن لمبادرة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وأعادت خطاب التلويح بالعقوبات على معرقلي ولادة الحكومة.

فيما يتردد في أوساط متقاطعة أن السعودية غير جاهزة للقيام بأي دور في أي مكان ولبنان ضمناً، ما لم تعرف تماماً ما هي المصالح التي من الممكن أن تحققها، وفي الملف اللبناني تؤكد الأوساط أن المملكة لن تريد الإتيان على أي أمر قبل معرفة كيف ومن سيحكم لبنان من جهة، ومن جهة ثانية ما هو الثمن الذي ستقبضه المملكة عوضاً عن جعلها الطرف الذي يدفع دائماً، وتقول مراجع سعودية أنه منذ اتفاق الطائف تستثمر في لبنان وهذا الاستثمار بدأ بتمويل الطائف وتمويل مؤتمرات مساعدة لبنان من باريس الأول والثاني، لتمويل إعادة بناء لبنان بعد الحرب والاستثمار بالانتخابات وبزعامة الحريري، فيما لم تحصد من هذا الاستثمار أي شيء.

وأن الأميركيين إذا كانوا يريدون من المملكة القيام بالمساعدة فعليهم طلبه بشكل واضح أي من الإدارة الأميركية للإدارة السعودية، وخاصة أن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لايزال ينتظر اتصالاً من الرئيس الأميركي جو بايدن للتحرك في المنطقة في ظل الحديث عن الانسحابات الأميركية المتتالية من الساحة الإقليمية، وبعدها تستطيع باريس التحرك في لبنان لاستكمال مبادرتها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى