رهان على تشكيلة «حريرية» أخيرة بعد العودة من مصر..!
التراشق العنيف بين «المستقبل» والتيار الحر هزَّ الآمال المعلقة على مجموع المبادرات والتحركات الدولية والداخلية باتجاه حلحلة المسألة الحكومية واستتباعاتها، لكن الرهان على نتائج زيارة الرئيس المكلف سعد الحريري إلى مصر ولقائه الرئيس عبدالفتاح السيسي مازال قائما، حيث من المؤمل ان تقوده الزيارة إلى بعبدا وبجعبته تشكيلة حكومية، قد تكون آخر التشكيلات التي يطرحها على رئيس الجمهورية ميشال عون، الذي يصبح القرار له، بالقبول أو الرفض، وفي الحالة الأخيرة، عليه ان يدرك أنه قد لا يجد رئيس الحكومة البديل، وبالتالي ان يمضي ما تبقى من ولايته متكئا على حكومة تصريف أعمال، ممنوعة من الصرف أو التصرف، وعلى مجلس دفاع أعلى، حوله بالعرف والعادة، بتركيبته الطائفية المتوازنة، إلى مجلس وزراء مصغر، أو بالأحرى بديل عن مجلس الوزراء الضائع.
وقد أثارت عظة البطريرك الماروني بشارة الراعي من الديمان أول من أمس استهجان أوساط الحريري خصوصا عندما قال أن «التكليف ليس أبديا»، بيد انه دعا في الوقت ذاته إلى الاتفاق مع الرئيس المكلف، وكلامه هذا موجه إلى الرئيس ميشال عون.
وتخشى المصادر المعنية ان تتخطى موانع تشكيل الحكومة المتداول من العقبات، التي تبدأ بالخلاف على تسمية وزيرين من أصل 24 وزيرا، مرورا بمؤتمر فيينا النووي الأميركي ـ الإيراني وصولا إلى ما بدأ يتلمسه أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت، من ربط غير مباشر، بين تشكيل الحكومة والادعاء العام على رؤساء ووزراء وقادة الجيش والأمن والقضاة في ملف المسؤولية عن تفجير المرفأ.
فالانطباع العام ان هناك جهات خارجية متورطة في إحضار مادة الأمونيوم وتخزينها في لبنان، وهذه الجهات تحاول منع المحقق العدلي من وضع اصبعه على الجرح، بشتى السبل، وأبرزها الآن موضوع الحصانة على النواب الثلاثة: علي حسن خليل وغازي زعيتر ونهاد المشنوق.
وبما ان هذه الحصانة تستمر طالما مجلس النواب في حالة انعقاد بغياب الحكومة الفاعلة، فإن المماطلة المريعة في تشكيل الحكومة ضمن أهدافها ابقاء مجلس النواب في حالة انعقاد، وبالتالي الحصانة النيابية قائمة، ومعها الذريعة الدستورية التي تبرر للوزير النائب عدم المثول امام القضاء.
الذريعة عينها متوافرة للوزير غير النائب يوسف فنيانوس بوصفه محاميا، وللقضاة والضباط الكبار من باب آخر، فتحته لهم نقابة محامي بيروت بالإضراب العام الذي اعلنته منذ فترة بداعي الاحتجاج على قرارات قضائية بوقف محامين مدعى عليهم بقضايا جزائية من مزاولة المهنة لمدة محددة، ردا على امتناع النقابة عن إعطاء الإذن بملاحقتهم أمام القضاء، بموجب قانون مزاولة المهنة.
فمع استمرار اضراب المحامين، في غمرة الانكباب القضائي على كشف اسرار التفجير المدمر الذي أتى على النصف الشمالي الشرقي من بيروت، توفرت الذريعة للمدعى عليهم من غير النواب لعدم المثول امام المحقق العدلي، وبينهم رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، واي وزير من غير النواب، لأن قانون الجزاء يوجب مثول المدعى عليه بجناية، ومعه محام.
وأغرب ما في الأمر هنا أن نقيب المحامين ملحم خلف خصص فريقا من المحامين للادعاء باسم أهالي الضحايا والمتضررين، وعلى كل من يظهره التحقيق فاعلا أو مشاركا أو محرضا على هذه الجريمة الكبرى، تبرعا من النقابة للثكالى الذين شردهم الانفجار، فإذا بتعطيل تشكيل الحكومة يلتقي مع اضراب المحامين، على «كربجة» القضاء العدلي، وبالتالي منعه، أو على الاقل إبطاء مسار البحث عن الحقيقة والعدالة.
في هذا السياق، اوضح النائب والوزير السابق بطرس حرب في بيان له بعض ما ورد في حديثه لـ«الأنباء» ان احالة الوزراء والنواب إلى المجلس الاعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء تتطلب أكثرية الثلثين من أعضاء مجلس النواب، وقال «ان هذا الاتهام لا نتيجة له ولم يحصل مرة ان احيل احد إلى هذا المجلس، علما ان هذا المجلس ليس مؤلفا حاليا وبالتالي لا يمكن اجراء اي محاكمة امامه».