لماذا الغيت “الاحتفالات” باعتذار الحريري؟
ورغم اعتقاد أهل الحكم أنّ الحديث عن حكومة خالية من المرشحين هو مجرد اضغاث احلام، فهم مستعدون لإبراز قدراتهم الخارقة على تعطيل مثل هذه الشروط، كما عطّلوا المبادرة الفرنسية التي تفكّكت على مراحل وسقطت مقوماتها واحدة بعد أخرى بسلاسة، الى ان بات الحديث عنها وكأنّها من الماضي البعيد، ولا سيما بعد اعتذار الحريري وسقوط التجربة الأقرب الى ما قالت به مبادرة ماكرون، كما تلك التي اطلقها الرئيس نبيه بري، قبل ان يتبين أنّها لم تكن سوى مجرد أفكار متفرقة لا تجمعها صيغة واضحة، واريد لها ان تكون مناسبة لتقطيع الوقت والتلهّي بخطوات واهية، أُريد منها ان تنتهي باعتذار الحريري.
على كل حال، وبعيداً من تناول مختلف ردات الفعل الدولية التي تلاحقت منذ لحظة الاعتذار، فلم يظهر أنّ أهل الحكم يتهيبون لما هو متوقع. فهم وفي الوقت الذي يلهثون بحثاً عن خليفة الحريري، لا يتطلعون بجدّية الى الانهيار المحتمل لتجاوز الدولار الاميركي ارقاماً قياسية، وامكان استجرار الهمّ الامني. فهم مرتاحون الى انشغال اللبنانيين بالبحث عن صفيحة بنزين وعلبة دواء مقطوع وملاحقة الأسعار التي ترتفع جنونياً، استباقاً لاي سعر جديد للعملة الاجنبية، في سباق محموم مع اختفاء كثير مما يريد اللبنانيون اقتناءه.
وتأسيساً على ما تقدّم، لاحظ المراقبون انّ من كانت لديهم النية للاحتفال باعتذار الحريري، احتفظوا بنسبة عالية من الصمت، مخافة ان يزيدوا من حال الاحتقان الذي يمكن ان ينقلب على أصحاب هذه النية. فالحملة الدولية التي انهالت عليهم بمزيد من الانتقادات والاتهامات بجرّ البلد إلى الانهيار الكامل، لم تغيّر في استراتيجيتهم الثابتة. وهو ما يوحي أنّ البلاد دخلت مرحلة غامضة لا يمكن التكهن بأبعد مما ستحمله الساعات المقبلة، في انتظار حدث ما يترقبه كثيرون، من دون القدرة على تقدير حجمه وشكله ونوعه وما يمكن ان يكون.