اخبار لبنان

جولة الصباح الاخبارية: الحريري أمام خيارات عدة… الحسم يقترب

بقي الجمود الحكوميّ سيّد المشهد الداخلي في ظل تعثر مبادرة الرئيس نبيه بري لتأليف الحكومة بعد أن تجمّدت الاتصالات واللقاءات نتيجة الخروق التي تعرّضت لها الهدنة الإعلامية وتجدّد تبادل إطلاق النار على جبهة بعبدا البياضة – بيت الوسط.

في وقت تستمرّ المؤشرات المقلقة بالتجمع ليكتمل المشهد السوداوي الذي ينتظر لبنان على مختلف الصعد الاقتصاديّة والماليّة والنقديّة والاجتماعيّة والصحيّة وكذلك الأمنيّة مع مبادرة أكثر من جهة أمنية لبعث رسائل التحذير إلى المراجع الرئاسية والوزارية والأمنية من استعدادات لتحركات شعبية ستولد انفجاراً اجتماعياً كبيراً في الشارع بسبب تفاقم الأزمات ما يؤدي إلى توترات وهزات أمنية.
أزمة التأليف مستمرة

اذاً، طبع المشهد السياسي شللا كاملا لم تبرز معه أي حركة لليوم الثالث على التوالي بعد اصطدام التحركات الأخيرة بعودة التوتر الحاد بين قصر بعبدا وبيت الوسط. في هذا السياق تفيد معطيات “النهار” ان كلّ التقديرات السياسية التي تشير إلى توجّه لدى الرئيس المكلّف سعد الحريري للاعتذار هي سابقة لأوانها، ولا تعبّر عن حقيقة التوجّهات على جدول أعمال الحريري الذي سيستمرّ في دراسة كلّ الخيارات المتاحة في ظلّ عدم تحقيق أي تقدّم في الملف الحكوميّ، وفي مقدّمها الاستمرار في التكليف الذي يشكّل حتى الساعة العنوان الأوّل في توجّهات “بيت الوسط”. ويتشبّث الحريري بحسب هذه المعطيات بمسألتين رئيسيّتين في هذه المرحلة. المسألة الأولى تتمثل في تمسّكه بضرورة التوصل إلى تأليف حكومة وفق الأصول الدستورية بالتوافق مع رئيس الجمهورية. وتكمن المسألة الثانية في اتفاق كان عقده مع رئيس مجلس النواب نبيه بري حول عناوين مبادرته. وتشير مصادر “بيت الوسط” إلى أن بري كان يفترض أن يتلقى أجوبة من رئيس الجمهورية حول مبادرته، لكن يبدو أن الأخير فوّض صلاحياته لرئيس “التيار الوطني الحرّ” النائب جبران باسيل. وقد طرح بري مقترح تشكيل حكومة من 24 وزيراً على قاعدة 3 ثمانات من دون إعطاء ثلث معطّل لأحد. وتوافق مع الحريري على عنوانين اثنين: زيادة عدد الوزراء إلى 24 من جهة، وإعادة توزيع الحقائب من جهة ثانية. ويتمسّك الحريري بتسمية كلّ الوزراء في الحكومة، بما في ذلك الاسماء المحسوبة على رئيس الجمهورية، والتي يريد أن يختارها بالتشاور معه.
وسط هذه الأجواء، أكدت مصادر مواكبة لمسار مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري أنها وصلت أمام “حائط مسدود وباتت تحتاج إلى معجزة لإحداث أي خرق إيجابي في عملية التأليف على وقع احتدام معركة الشروط والشروط المضادة بين ضفة الرئاسة الأولى و”التيار الوطني الحر” من جهة، والرئيس المكلف سعد الحريري من جهة مقابلة”.
وعليه، كرت مصادر متابعة لـ”اللواء” ان الامور اتجهت الى السلبية بعد لقاءات البياضة بين الخليلين والنائب جبران باسيل، حيث جرى تواصل بين الحريري والخليلين ابلغهما خلاله ما معناه “انه لا يرضى ان يتفاوض احد بالنيابة عنه مع باسيل وان يُعطيه حق المشاركة في تشكيل الحكومة، وان لا احد يمون عليّ في ان افعل ما لا اراه مناسبا للمصلحة العامة”.

ونقل بعض المتصلين بالحريري عنه “ان المسألة ليست شخصية بينه وبين باسيل حتى يتوسط البعض لعقد لقاء بينهما لكسر الجليد، بل تتعلق بالصلاحيات الدستورية في تشكيل الحكومة”.

ومع ذلك، اكدت مصادر ثنائي «امل» وحزب الله ان مبادرة الرئيس نبيه بري مازالت قائمة وستستمر حتى النفس الاخير من دون تحديد اسقف زمنية للمساعي ولا للتشكيل، مشيرة الى ان التواصل يتم مع الحريري عبر النائب علي حسن خليل للوقوف على رأيه في المقترحات التي تمت مناقشتها مع باسيل ونقلت للرئيس ميشال عون، حول نقطتي توزيع الحقائب على الطوائف التي انجزت بشكل شبه كامل وبقيت بعض الحقائب وتسمية الوزيرين المسيحيين التي وضعت لها افكار ومقترحات يجري درسها، وبقيت مسألة منح كتلة لبنان القوي الثقة للحكومة معلقة الى ما بعد البت بالعقدتين الاخريين.
فرنسا على الخط
وفي هذا السياق أفادت “النهار” ان فرنسا تدرس حاليا مع عدد من شركائها الدوليين انشاء آلية مالية معروفة بـ currency board من اجل حماية النظام اللبناني لضمان تسديد المشتريات الأساسية ولدعم الشعب اللبناني في حال انهار كل شيء في لبنان وعدم تشكيل حكومة. وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اكد ذلك في مؤتمره الصحافي عشية قمة السبعة في بريطانيا دون شرح الآلية المالية التي تدرسها فرنسا. وأوضح مسؤول فرنسي ل”النهار” ان الآلية هي currency board أي آلية لتثبيت سعر العملة الوطنية بالنسبة لعملة اجنبية تكون اغلبيتها بالدولار الاميركي من خلال ضبط اصدار الكتلة النقدية على أساس عدم اصدار نقد محلي دون وجود مقابل بالعملة الأجنبية ، ومن خلال هذه الآلية ضمان استخدام النقد الأجنبي المتوفر لتسديد الاحتياجات اللبنانية الأساسية ولدعم الشعب اللبناني تحت رقابة مالية دولية وكل ذلك اذا تعذر تشكيل الحكومة. ولكن الامر مازال في طور الدرس ومن السابق لاوانه الدخول في تفاصيله طالما لا انهيار لكل شيء بعد. وفيما الرئاسة الفرنسية مستمرة في العمل لدفع تشكيل الحكومة قال المسوؤل ان فرنسا ما زالت تأمل في حصول يقظة من الأطراف المعنيين لتشكيل حكومة.
في غضون ذلك، تحشد فرنسا لاجتماع دولي في 17 حزيران لدعم للجيش اللبناني من اجل الحفاظ على هذه المؤسسة العسكرية بغية ابقائها متماسكة وقادرة على الصمود في ظل الازمة المالية والاقتصادية والكيانية التي تعصف بالدولة اللبنانية. وهذه الخطوة تؤكد ان فرنسا والمجتمع الدولي حريصين على ان لا يغرق لبنان في فوضى خطيرة ولذلك تولي فرنسا اولوية في الحفاظ على الجيش اللبناني وباقي المؤسسات الامنية بعد تعثر المساعي مع الطبقة السياسية المعنية بتشكيل حكومة لترسيخ الاستقرار السياسي وتحقيق الاصلاحات المطلوبة لانقاذ لبنان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى