المواد الغذائية متوافرة.. ولكن هل كل ما يشتهيه المواطن يدركه؟
وسط تخبّط البلاد في أزمات لا تعد ولا تحصى، يخوص اللبنانيون معركة الحصول على الحد الأدنى من العيش الكريم. فمن غياب الكهرباء إلى نقص الدواء والمحروقات تأتي إلى الواجهة أزمة توافر المواد الغذائية. فمع الارتفاع الجنوني لسعر صرف الدولار علق التجار والموردين إصدار التقرير الأسبوعي لأسعار السلة الغذائية وتوقفوا عن تسليم أصحاب السوبر ماركت المنتجات الغذائية إلى حين تحديد لائحة الأسعار.
وإزاء هذا الواقع، اتخذ بعض السوبرماركت إجراءات احترازية حيث عمدوا إلى تحديد الكميات المسموح شرائها من قبل المستهلكين مخافة خسارة رأس المال التشغيلي مع تنامي وتيرة انخفاض قيمة العملة اللبنانية. لكن نقيب أصحاب السوبرماركت نبيل فهد، يؤكد لـ”صوت بيروت إنترناشونال” أن الأزمة عابرة وستحل فور تحديد الموردين لأسعار المنتجات على سعر الصرف الجديد، على اعتبار أن وزارة الاقتصاد والتجارة فوضت التجار بوضع التقرير الأسبوعي لأسعار السلة الغذائية. ويشير إلى أن المخزون لدى المحال التجارية يكفي بمعدل وسطي لمدة تتراوح بين أسبوع أو أسبوعين.
استبدال المحلي بالمستورد
وبعد أن شهدت السوبرماركت في فترات سابقة تهافتاً من قبل المستهلكين لشراء المنتجات الغذائية وتخزينها، يؤكد فهد أن حركة الطلب أخيراً طبيعية جداً، عازياً السبب إلى تراجع القدرة الشرائية لدى المستهلك، ويضيف: “أضحى المستهلك يشتري حاجاته الضرورية والمنتجات الغذائية الأساسية فقط”، لافتاً النظر إلى أن شريحة ضئيلة جداً تعمد إلى التخزين وشراء الكماليات. ويضيف أن ظاهرة استبدال المنتجات المحلية الصنع بالمنتجات المستوردة باتت تترسخ أكثر باعتبارها أكثر تناسباً مع قدرة المستهلك الشرائية. وهذا ينعكس على فاتورة الاستيراد لا سيما مع تفاقم الأزمة وشح الدولار.
تراجع الكميات المستوردة
وبحسب آخر الأرقام الصادرة عن الجمارك اللبنانية، بلغت واردات المنتجات الغذائية في أول شهرين من العام الجاري 138 مليون دولار، بارتفاع قدره عشرة في المئة عن الفترة ذاتها من العام الماضي الذي شهد تقييد لحركة الشحن العالمي بسبب جائحة كورونا، لكنها انخفضت بنسبة 34 في المئة عن العام 2019 (207 ملايين دولار)، وبنسبة 40 في المئة عن العام 2018 (226 مليون دولار). ويؤكد نقيب مستوردي المواد الغذائية هاني بحصلي لـ”صوت بيروت إنترناشونال” أن الأوضاع أخيراً تتفاقم وتزداد سوءاً مع تراجع القدرة الشرائية للمواطنين، ومع الإجراءات التي تتخذها المصارف عبر تقييد حركة السحوبات للمواطنين، وعبر وقف التسهيلات المصرفية المقدمة للمؤسسات. “في ظل هذا الواقع، لم يعد بإمكاننا إعطاء نفحة إيجابية للمواطن، وطمأنته بضمان استمرارية تأمين جميع المنتجات”.
أزمة جديدة في الأفق
أزمة جديدة تلوح في الأفق، تتمثل في ارتفاع أسعار المحروقات التي باتت تسعر على سعر صرف 3900 ليرة بدلاً من 1500 ليرة، وهذا من شأنه زيادة التكاليف التشغيلية على الموردين وموزعي المنتجات الغذائية وعلى أصحاب السوبرماركت. وفي هذا الإطار، يقول فهد: “ناهيك عن أزمة نقص المحروقات وتقنين تسليمها التي دفعت أصحاب السوبرماركت إلى ترشيد استهلاك الطاقة، أو تقليص عدد ساعات العمل وإغلاق المحال باكراً، تبرز اليوم أزمة ارتفاع أسعار المحروقات التي تحتم زيادة أسعار السلع الغذائية”. بدوره، يشير بحصلي إلى أن هذا الواقع سيؤول إلى زيادة كلفة التوصيل والتوزيع وبالتالي زيادة أسعار السلع المرتفعة أصلاً.
إزالة الدعم كلياً
وفي ما يتعلق بالمنتجات الغذائية المدعومة، فيشير فهد إلى أن السوبرماركت لم تتسلم منذ أسبوع أو أكثر أي منتجات غذائية مدعومة، والكميات المتوافرة لدى بعضها محدودة جداً أو نفذت بالكامل. بدوره، يؤكد بحصلي أن الدعم أزيل كلياً عن المنتجات الغذائية، باستثناء القمح. لكنه يضيف أن زيادة أسعار المواد الأولية كالسكر والخميرة التي تدخل في صناعة الخبز ستؤول إلى زيادة سعر ربطة الخبز حتماً.
يخلص فهد إلى القول بأن الصورة سوداوية، وما يحصل حالياً يصنف بالإهمال الإجرامي”، لافتاً إلى أن الحلول والخطط لإعادة النهوض بالبلاد متوافرة وتحتاج إلى حكومة فقط للتفاوض مع صندوق النقد الدولي.