جولة الصباح الاخبارية: هدنة حكومية بانتظار حل يعيد الزخم… وبوريل يهزّ العصا فرنسياً
نجحت الاتصالات الناشطة على خط بعبدا- عين التينة، في التخفيف من حدة الاحتقان ما بين الرئاستين واحتواء عاصفة التصعيد التي نشأت من حرب البيانات بين الرئاستين الأولى والثانية. الاّ ان هذه العاصفة اعادة ازمة التشكيل الى نقطة الصفر فلا أحد يتكلم مع الآخر، في وقت توارى فيه الوسطاء عن الأنظار. واكتفى الرئيس المكلف سعد الحريري بالإعلان “تويترياً” ان “الأولوية هي للتأليف قبل الاعتذار، الذي يبقى خياراً مطروحاً، وهو ليس هروباً من المسؤولية بقدر ما هو عمل وطني، إذا كان يسهل عملية تأليف حكومة جديدة، يمكن أن تساهم في إنقاذ البلد”.
الحكومة غائبة
اذاً، لم تسجل المصادر المتابعة لعملية تشكيل الحكومة الجديدة اي مستجدات مهمة بملف التشكيل محليا، بالتزامن مع التزام الاطراف المعنيين بوقف السجالات والتراشق السياسي بعد مساعي بذلها حزب الله واكثر من طرف لهذه الغاية. ولكن المصادر المذكورة لاحظت تراجع الكلام عن إعتذار الرئيس الحريري او حتى تجاهله واستبداله بالموقف الذي اعلنه الحريري بتقديم عملية تشكيل الحكومة على الاعتذار،ومرده حسب المصادر الى جملة عوامل ابرزها:موقف رئيس المجلس النيابي نبيه بري الرافض لاعتذار الحريري، المسمى من اكثرية النواب والذي يحظى بتاييد واسع بالداخل وبين السنّة تحديدا وبدعم من الخارج ولصعوبة إختيار البديل حالياً.
وتحدثت المعلومات عن ان الرئيس بري ابلغ حليف التيار الوطني الحر، حزب الله، انه ليس على استعداد لاستئناف مبادرته ما لم يتبلغ رسمياً بأن فريق بعبدا والتيار الوطني الحر سيتلزم مندرجات المبادرة لإنجاحها.
بدورها مصادر مقربة من الرئاسة الأولى قالت لـ”اللواء” ان ما طرأ مؤخراً وأدى إلى تعليق الاتصالات الحكومية ستكون له انعكاساته على ايصال الملف إلى خواتيمه بمعنى آخر ان الامل مفقود بأي خرق بعدما باتت الصورة واضحة حول قراءة مسعى رئيس مجلس النواب نبيه بري والحاجة إلى تحديد بعض النقاط، التي يتعين التركيز عليها. ولفتت إلى انه قد تكون هناك تحركات أخرى لرئيس الحزب التقدمي الاشتراكي الذي يكرر اهمية التسوية ويخشى من قادم الأيام.
في المقابل، تفاوتت معطيات المسؤولين العونيين بين الإشارة إلى احتمال طرح رئيس الجمهورية مبادرة تقوم على تشكيل “حكومة إنقاذ”، وبين إعادة تعويم فكرة تشكيل “حكومة أقطاب” التي كان قد أضاء عليها البطريرك الماروني بشارة الراعي إثر زيارته الأخيرة قصر بعبدا. غير أنّ مصادر رفيعة في بعبدا أكدت عدم وجود أي اتجاه محسوم في الوقت الراهن لا في هذا الاتجاه ولا ذاك، نافيةً اعتزام رئيس الجمهورية “إطلاق أي مبادرة خاصة” طالما أنّ “الرئيس المكلف سعد الحريري لا يزال مكلفاً… أما إذا اعتذر فعندها لكل حادث حديث”.
وإذ شددت على أنّ رئيس الجمهورية “يعكف حالياً على تقويم مستجدات الأمور لا سيما في ضوء تأكيد الرئيس المكلف على كون الأولوية لديه هي للتأليف وليس للإعتذار”، أضافت مصادر بعبدا: “اذا استمر رئيس مجلس النواب نبيه بري على مبادرته فنحن مستمرون، وإذا تمكّن من إقناع الحريري بالسير قدماً بالمبادرة فنحن داعمون”.
وفي المقابل، نقلت مصادر سياسية معلومات تفيد بأنّ عون كان بصدد الدعوة إلى عقد طاولة حوار وطني لطرح فكرة تشكيل حكومة أقطاب تواجه الأزمة، لكنه أرجأ هذه الخطوة بناءً على نصائح مقربين منه، أولاً لكي لا تصطدم الدعوة الرئاسية بعدم تجاوب القوى السياسية معها، وثانياً لصعوبة تسويق انضمام رئيس “التيار الوطني” إلى تشكيلة حكومة الأقطاب أسوةً بباقي رؤساء الأحزاب لأنّ اسمه مدرج على قائمة العقوبات الأميركية.
جنبلاط على الخط
ولملء الفراغ “الاتصالي” بالإجراء المناسب، تحدثت المصادر عن توجه لدى الحزب التقدمي الاشتراكي بعد تغريدة لرئيسه النائب السابق وليد جنبلاء للقيام بمبادرة لصيغة حكومية على قاعدة “لا غالب ولا مغلوب”، بالتزامن أو التسابق مع خطوة رئاسية ربما يؤشر على عناوينها رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل في كلمة له غداً.
وبحسب “نداء الوطن” آثرت مصادر “التيار الوطني” عدم الخوض في أي تفصيل جديد قد يطرحه باسيل في الملف الحكومي، مكتفيةً بالإشارة إلى أنه “سيضع النقاط على الحروف في سياق إيجابي وسيوجّه رسائل في أكثر من اتجاه، سواءً باتجاه الحلفاء أو الخصوم، وربما تكون رسائله عابرة للحدود”.
زيارة بوريل
ووسط هذه المناخات تحديدا تأتي زيارة الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الامنية ونائب رئيس المفوضية الأوروبية جوزيب بوريل لبيروت اليوم وغداً كمحطة مهمة وبارزة لهذا المسؤول الأوروبي الرفيع المستوى الامر الذي يعكس دلالات دقيقة جداً لجهة ما يمكن ان تتركه زيارته لاحقا من نتائج. فمعلوم ان زيارة بوريل تسبق اجتماعا للاتحاد الأوروبي مطلع الأسبوع المقبل سيبحث في الوضع اللبناني من جهة كفتي الميزان المتصلتين بتشكيل الحكومة وبالعقوبات الأوروبية التي تكمل العقوبات الفرنسية على مسببي التعطيل في لبنان .
وحسب معلومات “اللواء” يصل بوريل بيروت لاستطلاع المواقف والوضع الحكومي والعام في البلاد، ليرفع تقريره الى مسؤولي الاتحاد الاوروبي الذين يعقدون اجتماعا حول لبنان الاسبوع المقبل في بروكسل، كما يصل مرتكزاً الى عقوبات اوروبية على من تعتبرهم بعض دول أوروبا معرقلي تشكيل الحكومة سيتم بحثها خلال الاجتماع، وهو ما يضعه بين احد احتمالين: اما النجاح بمسعاه عبر هز عصا العقوبات، واما الفشل مجدداً اذا لم يكترث المعنيون بالعقوبات وبقوا على عنادهم وشروطهم. علماً إن العقوبات الاوروبية جاهزة وسيتم الاتفاق عليها والمباشرة في تطبيقها، بعد اجتماع مسؤولي الاتحاد الاوروبي في بروكسل.
وفي المعلومات الرسمية الأوروبية ان بوريل يقوم “بزيارته الرسمية الأولى لبيروت، في لحظة حرجة للغاية للبلاد التي تعاني من أزمات عدة، كما تأتي زيارته، في وقت يتعين فيه بإلحاح على القيادة السياسية اللبنانية تشكيل حكومة وتنفيذ إصلاحات رئيسية، وسيحمل بوريل رسائل أساسية للقيادة اللبنانية، ويعرب عن تضامن الاتحاد الأوروبي مع الشعب اللبناني في هذه الأوقات البالغة الصعوبة”.
وتشير هذه المعلومات الى انه “خلال زيارته، سيعقد بوريل اجتماعات مع المسؤولين السياسيين والعسكريين اللبنانيين، وكذلك مع ممثلين عن منظمات من المجتمع المدني، وسيلتقي رئيس الجمهورية ميشال عون، ورئيس مجلس النواب نبيه بري، ورئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، ووزيرة الخارجية في حكومة تصريف الأعمال ونائبة رئيس مجلس الوزراء ووزيرة الدفاع الوطني زينة عكر”.
وتتوقع جهات محلية معنية ان ينهج بوريل المنهج الفرنسي إياه لجهة التلويح للمسؤولين الرسميين والسياسيين بضرورة تجاوز صراعاتهم بسرعة وتشكيل الحكومة والا فإن العقوبات الاوروبية جاهزة وسيتم الاتفاق عليها والمباشرة في تطبيقها، بعد اجتماع مسؤولي الاتحاد في بروكسيل الثلثاء المقبل.