اخبار لبنان

جولة الصباح الاخبارية: التفاؤل الحكومي يتراجع… العقد مستمرة

ما كان ينقص الوضع اللبناني السيء سوى التقرير الذي صدر عن “البنك الدولي” والذي نعى فيه الدولة اللبنانية على أرض الواقع، في وقت كان فيه منسوب التفاؤل بقرب التوصل إلى حل للأزمة الحكومية ينخفض بشكل كبير بعد موجة تفاؤل أعقبت اللقاء الذي جمع الرئيس نبيه بري بالرئيس سعد الحريري في عين التينة، لكن ما تبعه من اجتماعات ومشاورات أوحت بأننا لا زلنا في أول الطريق ومبادرة بري تحتاج إلى المزيد من الدفع والجهد حتى تصل إلى خواتيم إيجابية.

 

وإذ من المرتقب أن تتضح خلال الساعات المقبلة كيف سيتعامل رئيس المجلس مع رسالة رئيس التيار الوطني الجر جبران باسيل، فإنّ الأنظار تتجه اليوم إلى قصر بعبدا في حين نقلت أوساط متابعة للمفاوضات التي جرت خلال الساعات الأخيرة معطيات تشاؤمية مستقاة من أجواء الدوائر المقربة من الرئاسة الأولى، تنفي وجود “أي تقدم نوعي أو ملحوظ في عملية التأليف”، مؤكدةً أنّ “الأمور لا تزال تراوح مكانها”، ترددت معلومات عن نية البطريرك الماروني بشارة الراعي زيارة رئيس الجمهورية للدفع قدماً باتجاه إنقاذ المبادرة الحكومية، وتشكيل ممثلين عن الطوائف المسيحية الذين سيشاركون في المؤتمر المسيحي الذي دعا إليه البابا فرانسيس نهاية الشهر. وتحدثت معلومات عن خطوة سيقوم بها الراعي خلال تواجده في بعبدا، وهي اجراء اتصال بالرئيس الحريري ودعوته للتحدث مع الرئيس عون.

مبادرة بري تترنح
وبرز مؤشر مهم وبارز حيال ما بلغته مبادرة الرئيس بري حين أجاب رئيس المجلس ليلا “النهار” على سؤالها اين وصلت المبادرة بقوله انه ينتظر الاجوبة على مبادرته والمخرج المساعد الذي وضعه لتسهيل الحكومة، وكان قد بحث كل هذه التفاصيل مع الرئيس المكلف في اجتماعهما الأخير في عين التينة. ورداً على سؤال “النهار” عن موقف الرئيس الحريري أجاب الرئيس بري: “الحريري موافق على مبادرتي وانتظر جواب جبران باسيل”.

وكشفت مصادر سياسية ان رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل اجهض مبادرة الرئيس نبيه بري منذ بدايتها من خلال رده السلبي على الافكار والمخارج الوسطية التي حملها اليه النائب علي حسن خليل وممثلا حزب الله حسين خليل ووفيق صفا امس الاول، واعاد خلال اللقاء تشبثه بالمطالب والشروط التعجيزية نفسها التي تلطى بها منذ تكليف الحريري لتعطيل تشكيل الحكومة، بل اكثر من ذلك عندما فاجأ الحضور بضرورة اعتماد آلية مستحدثة من قبله لتشكيل الحكومة. وعندما قوبل طرحه بالرفض باعتباره مخالف للنصوص الدستورية التي تنظم آلية التشكيل،اصر عليها بالقول ان هذا ما يجب ان تكون عليه لتحقيق التوازن بين صلاحيات رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة. وكشفت المصادر ان تشبث باسيل بهذه الشروط وخصوصا مايتعلق منها بحصة رئيس الجمهورية الوزارية،أكان التيار ممثلا بالحكومة ام لا وهي ثمانية وزراء واصراره على حصر تسمية الوزراء المسيحيين بالرئيس عون ورفضه المطلق بأن يسمي الحريري ايا منهم، اضافة الى عقدتي وزارتي الداخلية والعدلية ومن يسميهما او يوافق عليهما، اعادت الامور الى مادون الصفر بعملية التشكيل، واعطت انطباعا واضحا باستمرار اسلوب رئيس الجمهورية وفريقه السياسي برفض استمرار الحريري بعملية التشكيل رغم التوصية النيابية الاخيرة،مهما كانت تداعياتها السلبية واضرارها المتراكمة على البلد كله.ووصفت المصادر ادعاءات باسيل بانه لن يتوقف عن تذليل الصعوبات ايا كانت حتى تشكيل الحكومة العتيدة برئاسة الحريري بانها تمثل ذروة التكاذب التي يجسدها رئيس التيار الوطني الحر، لخداع الرأي العام والظهور بمظهر المساعد لعملية التشكيل، بينما هو في الواقع،اول من سعى لاعاقتها وتعطيلها،وهو يحاول اليوم تسويق هذا الاسلوب بطريقة مختلفة ولكنها توصل الى نفس النتيجة وهي اعاقة وتعطيل التشكيل وقطع الطريق على الرئيس المكلف سعد الحريري بالكامل.

كان من المفترض عقد اجتماع آخر بين باسيل والخليلين، لكن رئيس تكتل «لبنان القوي» فاجأ الوسطاء بمؤتمره أمس الذي دعا فيه إلى طاولة حوار. وتساءلت مصادر الثنائي عما إذا كانت هذه الدعوة هي رفض غير مباشر للتشكيلة، مستغربة أصل الدعوة “طالما أن الطرفين الأساسيين يرفضان الاجتماع”. وقد اعتبر الحريري الدعوة إلى عقد طاولة للحوار في بعبدا محاولة لمصادرة صلاحيات الرئيس المكلّف تأليف الحكومة، فيما أكدت مصادره أنه لن يعتذر، وسيتمسك بورقة التكليف. أما رئيس التيار الوطني الحر، فلا يزال يدرس إمكانية الاستقالة من مجلس النواب.

وغداة هذا الانهيار السياسي، جرى تواصل بين الرئيسين برّي والحريري، وتقييم لما حصل، وكانت وفقاً لمصادر واسعة الاطلاع، النتيجة سلبية، الأمر الذي يطرح إمكان توقف مبادرة الرئيس نبيه برّي أو تأجيل الإعلان لبضعة أيام.

وأوضحت الأوساط المتابعة لـ”نداء الوطن” أنّ هوة “انعدام الثقة” بين بعبدا وميرنا الشالوحي من جهة، وبيت الوسط من جهة أخرى، ما زالت كبيرة جداً بشكل يكاد يصعب ردمها مجدداً، ونقلت في هذا المجال معطيات عونية تؤكد استحالة تشكيل الحكومة طالما بقي “الرئيس المكلف سعد الحريري مُصراً على أن يتولى تسمية الوزيرين المسيحيين الإضافيين في تشكيلة الـ888 من خارج حصة رئيس الجمهورية”، مشيرةً إلى أنّ “عون وباسيل يرفضان منح الحريري هذا الحق ويقترحان أن يكون هذان الوزيران المسيحيان من حصة طرف ثالث ربما يكون المجتمع المدني”.

ولاحظت مصادر مواكبة للملف الحكومي أنّ الحريري يقابل التشدد العوني بتصعيد يجعله في موقع تعطيلي أيضاً. ونقلت أنه “لن يرضى بأن يكون رئيس حكومة “للوزراء السنّة” فقط وبالتالي هو لن يتراجع عن حقه الدستوري كرئيس مكلف تشكيل الحكومة، في إعداد تشكيلتها كاملةً بعيداً من أي إملاءات وشروط وأعراف خارجة عن منطوق النصّ الدستوري”، لافتةً إلى أنّ الأجواء المحيطة بالرئيس المكلف بيّنت أمس أنه “قرر مواجهة الانقلاب على الدستور ولن يقبل بأن يُلدغ من الجحر نفسه مرتين”.

من جهتها، اعتبرت مصادر قريبة من الرئيس عون انه من المبكر الحديث عن سلبية والوصول الى حائط مسدود بالملف الحكومي، لافتة في حديث لـ “الديار” الى ان “الحريري قدم صيغا تم الرد عليها بأفكار واقتراحات من قبل الوزير باسيل يفترض ان تكون تتم دراستها”. واضافت المصادر: “صحيح ان الرئيس الحريري لا يزال متمسكا بمواقفه لكن الرئيس بري طلب مزيدا من الوقت لاستكمال المساعي”، مشيرة الى ان “تسمية الوزيرين المسيحيين من خارج حصة رئيس الجمهورية، تبقى ابرز العقد”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى