عون يواجه الجمود الحكومي برسائل داخلية وخارجية… وحبس أنفاس عقب الصواريخ وتصريحات وهبة
بداية أسبوع “نارية” شهدتها الساحة السياسية اللبنانية، على وقع حبس أنفاس داخلية للأحداث التي تحصل في الجنوب، واعادة اطلاق الصواريخ باتجاه الشمال الاسرائيلي، ما قد ينذر بتدهور أمني خطير، لبنان بغنى عنه. في وقت لا يزال الملف الحكومي عالق في المربع الأول، مع غياب اي اتصالات تعيد تحريك المياه الراكدة، ومع تمديد الرئيس سعد الحريري لعطلته الخارجية، فيما موضوع العقوبات يدرس على نار حامية.
العقوبات قد تصبح أحادية
اذاً، وفي وقت لم يسجل أي تحرك دولي باتجاه لبنان بعد نفض الفرنسيين يدهم من الملف الحكومي واللجوء الى خيار العقوبات على الشخصيات المعرقلة لتأليف الحكومة كما يقول الفرنسيون، نقلت جهات ديبلوماسية رسمية لبنانية عن ديبلوماسيين ومبعوثين أوروبيين وأميركيين ودوليين زاروا لبنان خلال الأسابيع القليلة الماضية أجواءً قاتمة حيال الوضع الاقتصادي والمالي والاجتماعي في لبنان. وأشارت هذه الجهات لـ”البناء” الى “تأكيد هؤلاء المسؤولين أن المجتمع الدولي وأصدقاء لبنان قاموا بما عليهم لمساعدة اللبنانيين على حل الأزمة السياسية وتأليف حكومة قادرة على مواجهة التحديات القائمة والحد من الانهيار وعودة النهوض الاقتصادي، لكن المسؤولين اللبنانيين لم يكونوا على قدر المسؤولية ومستوى هذا التحدي ولم يبدوا التعاون اللازم لتسهيل الحل لأزمة بلدهم”. ولفتت الى “خطورة إفشال المبادرة الفرنسية، حيث إن زعماء لبنان ضربوا بعرض الحائط كل جهود الدولة الوحيدة الباقية المهتمة بلبنان أي فرنسا لمساعدته على الخروج من أزمته”.
وعن خيار العقوبات علمت “البناء” أن “جهات ديبلوماسية لبنانية اتصلت ببعض السفراء الأوروبيين في لبنان والخارج للتحقق من مدى جدية العقوبات الفرنسية والأوروبية ضد شخصيات لبنانية، لكنهم رفضوا الإفصاح عنها”. لكن المصادر لفتت الى أن “العقوبات على مستوى الاتحاد الأوروبي خيار متعذّر حتى الآن لوجود دول معارضة وأهمها هنغاريا”، لكن المصادر “لا تستبعد أن تعمل فرنسا والقوى الأوروبية الرئيسية على إقناع تلك الدول المعارضة عبر الضغوط السياسية أو عبر الترغيب الاقتصادي لتعديل موقفها والسير بركب العقوبات، خصوصاً أن مصلحة هذه الدول بالبقاء تحت سقف الاتحاد الأوروبي في نهاية المطاف”.
أما في حال تعذّر خيار العقوبات على مستوى الاتحاد الاوروبي فلفتت المصادر الى “توجّه فرنسي لفرض عقوبات احادية على شخصيات سياسية لبنانية متهمة بعرقلة تأليف الحكومة مثل منع سفرها الى فرنسا وقد ترفع منسوب العقوبات الى حدود تجميد أصول وأموال هذه الشخصيات في فرنسا ودول اوروبية أخرى”.
الأزمة الحكومية مستمرة
في هذا الوقت، لا تزال الاتصالات مقطوعة بين بين مرجعيتي التأليف: الرئيس المكلف سعد الحريري، والرئيس ميشال عون. والجديد على هذا الصعيد، وصف الأزمة الراهنة، بأنها أزمة نظام لا حكومة، الأمر الذي يتطلب حواراً يعالج ثغرات الدستور، وتفسير الملتبس من بنود الطائف، بعد تطبيق ما يتعين تطبيقه..
وفي هذا الاطار، تحدثت المعلومات عن توجه رئاسي إلى إرسال رسالة إلى مجلس النواب، تضع مسألة الاستعصاء بتأليف حكومة امام المجلس، وكذلك وفقاً لمعلومات لصحيفة “اللّواء” تحضير رسالة توجه اليوم الى المجتمع الدّولي، بالتّنسيق مع الفاتيكان والبطريركية المارونية والبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي حول الملف الحكومي.
وهبة والسلاح والدواعش !
وسط هذه الأجواء، تفاعلت أمس تصريحات وزير الخارجية شربل وهبة، الذي يتحضر لزيارة أوروبية، من سلاح “حزب الله” وقالت أوساط متابعة لـ”النهار” انه لو لم يكن وهبة وزيرا للخارجية في حكومة مستقيلة لكان واجباً المطالبة باستقالته. وقد اعلن وهبة في حديث تلفزيوني “ان الفرنسيين لم يأتوا على ذكر سلاح حزب الله وان سلاح الحزب هو سلاح يتحمل مسؤوليته حزب الله، لا شك أن لبنان يتحمّل هذه المسؤولية ولكن ليس القرار قرار الدولة اللبنانية”. وأضاف “عندما كانت اسرائيل تحتل الأراضي اللبنانية تَجنَّد عناصر الحزب للدفاع عن سيادة لبنان”.
وعن مبرّر بقاء سلاح “حزب الله” اليوم قال وهبة “انظروا ماذا يحصل في غزة فهل حصل مثله في لبنان؟ فإذا كان هذا السلاح رادعا للعدو الإسرائيلي فلن أمسّ به لأنه بالنسبة الينا بوليصة تأمين”مضيفاً “اننا الآن امام معضلة انهيار اقتصادي ام انهيار السيادة واحتلال الأراضي اللبنانية، وبين الإثنتين أختار كرامتي والحفاظ على سيادتي، أما الاقتصاد فيذهب ويعود”.
اما الامر الخطير الاخر فكان في موقف مسيء الى علاقات لبنان مع الدول الخليجية. فلدى سؤال وهبة بأننا اليوم اصبحنا في مرحلة ثانية، أجاب ساخراً :”في المرحلة الثانية جاء الدواعش وقد أتت بهم دول أهل المحبة والصداقة والأخوة فدول المحبة جلبت لنا الدولة الاسلامية وزرعوها لنا في سهل نينوى والأنبار وتدمر.”
وقد نقلت مصادر ديبلوماسية ليلا استياء خليجيا من تصريحات وهبه قد تدفع باتجاه اتخاذ اجراءات بحق لبنان تتدرج من طلب اعتذار علني الى سحب ديبلوماسيين من بيروت…
في المقابل، أصدر وهبه بياناً مساء تنصّل فيه مما قاله عبر قناة “الحرة” مؤكداً أنه “لم يتناول فيه دول الخليج العربي”، متهماً “المصطادين بالمياه العكرة” بمحاولة تقديم “تفسيرات وتأويلات غير صحيحة” لكلامه.