جولة الصباح الاخبارية: أسبوع حكومي حاسم والاّ!
تترقب الساحة الداخلية، بكثير من الحذر، مجريات اليوم الأول من أسبوع “الحسم” في الملف الحكومي، وما سيحمله في طيّاته، من إشارات لما بعده من أيام، يظن أنها فاصلة بين حقبة تكليف للتأليف استمرت لبضعة أشهر، على وقع ترقب عودة الرئيس سعد الحريري، عقب الاشاعات التي طالته وأعلنت توقيفه في الامارات، ما استدعى رداً سريعاً بتغريدة مختصرة: “يسعد صباحكم بالخير، كيفكم اليوم”.
بري يطلق تحركه اليوم
اذاً، تكثفت في الأيام الأخيرة التوقعات المتصلة بمسعى الرئيس نبيه بري الذي يفترض ان يكون مفصليا، ورسم التكتم الذي أحاط حقيقة ما تردد عن اجتماعات ولقاءات ستعقد هذا الأسبوع مزيدا من مناخات التعقيد والانشداد نحو مطلع الأسبوع حيث قيل ان الرئيس بري سيطلق تحركه الجديد في مسعاه الحاسم لكسر جدار القطيعة بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري بلقاء رجحت معطيات غير نهائية عقده اليوم بين عون وبري في قصر بعبدا، فيما اشارت معطيات أخرى الى احتمال عقد لقاء آخر بين بري والحريري في عين التينة بعد عودة الاخير الى بيروت في الساعات المقبلة.
وأوضحت مصادر مطلعة لـ«اللواء» أنه كلما تأخرت عودة التواصل في الملف الحكومي بين رئيسي الجمهورية والحكومة المكلف كلما ازدادت المخاوف من نسف مساعي رئيس المجلس حتى وإن نال وعدا من الأخير بالتحرك في هذا الملف. واكدت المصادر إن إشاعة اجواء عن خروقات دستورية يضر بأي محاولة لاحداث الخرق المطلوب.
ولفتت إلى أن الكلام عن لقاء ثلاثي رئاسي يمهد لانطلاق العجلة الحكومية يبقى في اطار التكهنات أو التوقعات معلنة أن مطلع الأسبوع المقبل بقدم فكرة واضحة عما سيكون عليه تطور التأليف.
وتوقعت مصادر متابعة لملف تشكيل الحكومة ان تتظهر اتجاهات تحرك الرئيس بري للخروج من دوامة الجمود والتعطيل خلال الأسبوع الحالي وذلك بعد معرفة كيفية تفاعل فريق رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف سعدالحريري معها،ومدى تجاوبهما مع المخارج التي تحتويها.
وتوقعت المصادر ان تتسارع وتيرة الاتصالات والمشاورات بالملف الحكومي بعد عودة الرئيس المكلف الى بيروت من الخارج وترددت معلومات ان بري سيلتقي رئيس الجمهورية قريباقبل ان يجتمع بالحريري لاحقا لتوفير الارضية المناسبة لتسويق وانجاح مبادرته، إلا أنه لم يتم التأكد من هذا الخبر.
واشارت مصادر المعلومات إلى ان الحريري متجاوب مع مسعى بري، وان ما تم الاتفاق عليه حتى الآن حكومة من 24 وزيراً، يُفترض ألّا تتضمن ثلثاً ضامناً لأي طرف لا مباشرة ولا مواربة، وان يكون فيها وزيران مسيحيان مستقلان تماماً يتفق عليهما الرؤساء، تؤول على الاقل حقيبة الداخلية الى واحد منهما كما اصبح ثابتاً.
مصادر مواكبة لحركة بري قالت إن رئيس المجلس الذي يحظى بدعم خارجي وداخلي لحسم الملف الحكومي لن يقوم هذه المرة بمساعٍ لتقريب وجهات النظر فقط، بل باتت لديه عناصر كافية للقول إن الصيغة التي سيعرضها تمكنه من الحكم على نيات الفريقين المعنيين بتشكيل الحكومة، ونظراً لتقديره لخطورة الموقف سيذهب الى حد وضع الأمور في دائرة تحميل الطرف المعرقل للمسؤولية، في ظل تفاهم يضمّه مع حزب الله والنائب السابق وليد جنبلاط، لسحب الغطاء عن الفريق المعرقل.
وعلمت “النهار” ان قنوات الاتصال بين بري والحريري لم تنقطع. وردا على سؤال “النهار” مساء امس قال بري “نحن في أسبوع حاسم ولا شيء يعيد البلد ويثبته الا تأليف الحكومة”.
في الموازاة، رأت المصادر لـ”الأخبار” أنه في حال عدم عودة الحريري، والأهم أن يعود حاملاً مقترحاً حكومياً عملياً من خارج سياق مناوراته السابقة، سيُثبت باليقين أنه لا يزال يراوغ ويعرقل بهدف إضاعة الوقت، ما سيحتّم سقوط المهلة الأخيرة، “ليصبح بعدها لكل حادث حديث”. وهذا ينطبق أيضاً على عون الذي تشير المصادر إلى أنه في حال عدم إيفاء الحريري بوعده لبري، فإن يوم الاثنين سيكون يوماً آخر. وهو يفترض أن يبلغ الجميع أن ملف تأليف الحكومة من قبل الحريري لم يعد مطروحاً، ليكون البديل الدعوة إلى انتخابات نيابية جديدة، بعد استقالة نواب التيار.
وأوضحت المصادر أن رئيس الجمهورية سيتعامل عندها مع الانتخابات بوصفها الخيار الأخير لوضع البلد على سكة الخروج من الأزمة، بعدما ساهم الانتظار الطويل لتأليف الحكومة في مفاقمتها.
بعبدا تعرقل؟
وبينما يتم التكتم حول مضمون مبادرة الرئيس نبيه بري، اشارت المصادر الى هناك اكثر من محاولة للعرقلة من قبل فريق الرئاسة، منها الترويج عن سيناريوهات ونماذج للتشكيل سلمت الى البطريرك الراعي والرئيس بري باعتبار ان مثل هذه الخطوة كانت سببا مباشرا في التسبب بالخلاف والقطيعة بين بعبدا وبيت الوسط. ولذلك فإن الترويج لتوزيع النماذج المحكى عنها، يعني ان النوايا ليست سليمة لتسريع عملية التشكيل، او ان طرحها هو لمحاولة تحسين للشروط بعدما تم حشر الفريق الرئاسي بالزاوية بسبب الفشل الذريع لخطوة رسالة رئيس الجمهورية الى المجلس النيابي مؤخرا، والتوصية التي صدرت عنه ولم تكن في صالح رئيس الجمهورية بعد انكفاء حلفائه بالوقوف الى جانبه.
واعتبرت المصادر ان الاجتماعات الثنائية التي حصلت الاسبوع الماضي بين النائب علي حسن خليل مع رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل ومع ممثلين لحزب الله، تناولت موقف الامين العام لحزب الله حسن نصرالله بتكليف بري بالعمل مع الطرفين لتجاوز الخلافات القائمة وكيفية ترجمة مبادرة بري الى الواقع على الأرض وكشفت عن رغبة حقيقية وارادة جدية لدى الثنائي الشيعي لانهاء الازمة على قاعدة الافكار والطروحات التي تتضمنها مبادرة رئيس المجلس.
وعلمت “اللواء” ان الحريري ابلغ معاونيه في بيروت ومنهم نائب رئيس تيار “المستقبل” الدكتور مصطفى علوش انه سيعود خلال 24 ساعة، بعدما تبلغ ما يتم ترويجه عبر مواقع التواصل. كما علمت ان اتصالاً جرى في الساعات الماضية بين الرئيسين بري والحريري لبحث الافكار الجديدة المطروحة لحل الازمة الحكومية. على ان يحصل لقاء بينهما قريباً.
جاء ذلك بعد تسريب لائحتين جديدتين وضعهتما رئاسة الجمهورية تضمنتا توزيعتين لأعضاء الحكومة من دون اسماء لكن وفق التوزيع الطائفي للحقائب ومرجعيات تسمية الوزراء. وهو ما اعتبرته اوساط “تيار المستقبل” انه “دفع الأمور نحو أزمة جديدة، وان فريق رئيس الجمهورية يثير الاستفزازات كلّما اقترب الحلّ”.
مصادر في “الوطني الحر” أوضحت لـ”الشرق الأوسط” أنه تم إرسال الصيغتين قبل جلسة البرلمان الأسبوع الماضي التي خصصت لتلاوة رسالة الرئيس عون، رافضة وضعها في خانة التعدي على صلاحية رئيس الحكومة، ومعتبرة أن الخطوة تأتي في سياق الشراكة المطلوبة في التأليف بين الحريري وعون. وشددت على أنه “لا يمكن تشكيل الحكومة خارج هذه الشراكة “.
وعن خلفية خطوة الصيغ الحكومية التي قدمها عون، توضح مصادر “الوطني الحر” لـ”الشرق الأوسط” أنه “بعد زيارة lلراعي الأخيرة للقصر الرئاسي، تم تواصل بعد فترة بين الطرفين حيث أرسل الرئيس عون إلى الراعي، صيغتين للحكومة هما عبارة عن منهجية لتوزيع الوزارات على الطوائف ومن يسميها من دون أسماء وليس تشكيلة حكومية كما يقولون، كما أنها قابلة للبحث والتعديل، ومن ثم أرسلها الراعي إلى الحريري”. ولفتت المصادر إلى أنه “يوم جلسة البرلمان أوضح النائب جبران باسيل لرئيس البرلمان نبيه بري ما حصل، وأطلعه على الصيغتين بحضور النائب علي حسن خليل، مؤكداً أنها منهجية وليست تشكيلة بمن في ذلك الوزيران المسيحيان اللذان يقع الخلاف حولهما على أن يتم الاتفاق عليهما بين الحريري وعون بعيداً عن أي ثلث معطل مقنع كما يحاول البعض القول.
مبادرة البابا
في غضون ذلك برزت مبادرة لافتة جديدة للفاتيكان حيال لبنان تمثلت في اعلان البابا فرنسيس امس أنه “سيدعو قادة لبنان المسيحيين إلى الفاتيكانفي الأول من تموز، للصلاة من أجل “السلام والاستقرار” في بلدهم، بحسب ما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية . وقال البابا: “في الأول من تموز، سأجتمع في الفاتيكان مع قادة المسيحيين في لبنان، لقضاء يوم من التأمل في وضع البلد المقلق والصلاة معا من أجل هبة السلام والاستقرار”. وخلال صلاة الأحد، حض البابا المؤمنين على “أداء صلوات تضامنية ترافق التحضير لهذه المناسبة، للدفع باتجاه مستقبل أكثر سلاما لهذا البلد الحبيب”.
وأفادت معلومات عن المبادرة الجديدة انه من المرجّح ان يجمع البابا فرنسيس البطاركة المسيحيين المعنيين والمسؤولين ايضا عن قطاعات حيوية في المجتمع المسيحي، لاعادة تأكيد مضامين الارشاد الرسولي رجاء جديد للبنان، وللتشديد على رسولية العيش الواحد في مواطنة حاضنة للتنوع، وعلى وحدة الكيان اللبناني وسيادته واستقلاله، وموجب تحييده عن ازمات المنطقة والعالم وبالتالي هو يوم العودة الى ثوابت لبنانالتاريخية، والتي صنعها المسيحيون وشركاؤهم والتزموا بتحقيقها لكن ثمة من انقلب عليها منهم. واشارت المعلومات الى ان ما سيجري في الاول من تموز سيكون بمثابة سينودس مصغّر، يدلّ على ان الدبلوماسية الفاتيكانية وضعت القضية اللبنانية في سلّم اولوياتها، وان تواصلها عميقٌ ودقيق وفعّال وايجابي مع عواصم القرار جميعها، وخصوصا الادارة الاميركية والاتحاد الاوروبي والامم المتحدة وجامعة الدول العربية .
ورأت مصادر متابعة لهذا الحراك لـ”البناء” ان هذا اللقاء المسيحي اكثر من مهم وضروري في الوقت الراهن، لا سيما أن الانقسام الحاصل بين القوى المسيحية في لبنان والتحاقها بمحاور مختلفة ومتناقضة بات ينعكس سلباً على الواقع المسيحي في لبنان مع ازدياد نسبة هجرة المسيحيين، هذا فضلاً عن أن اللقاء من شأنه ان يشدد على اهمية التعالي على الحسابات والدفع نحو الحوار الدائم بين القوى المسيحية والتعاون مع القوى الإسلامية في لبنان الذي لا يبنى ألا بتنوّع أبنائه والتركيز على حياد لبنان والمحافظة على استقراره وسيادته.