اخبار لبنان

خديعة البطاقة التمويلية: الحكومة ترسلها إلى البرلمان من دون أموال وعشوائية في تحديد الأسر!

بالأمس وقّع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مرسوم إحالة مشروع قانون معجل الى مجلس النواب، يرمي الى إقرار البطاقة التمويلية، وبالتالي أصبحت البطاقة الموعودة في عهدة المجلس النيابي.
على مدى الأشهر الماضية سوّقت حكومة تصريف الأعمال أنّ البطاقة التمويلية ستكون بديلًا عن رفع الدعم، وأكّد رئيسها حسان دياب مرارًا أنّه لن يسمح بترشيد الدعم قبل أن تصبح البطاقة أمرًا واقعًا. لكن المعضلة أنّ اللجنة الوزارية الإقتصادية برئاسته والمعروفة بلجنة ترشيد الدعم، درست مطوّلًا مشروع البطاقة، ولكنّها عجزت عن تأمين الأموال، ولم تفلح زيارة دياب إلى قطر لإيجاد مصادر تمويل خارجية.
حاول دياب الضغط على حاكم مصرف لبنان لتمويل البطاقة من الإحتياطي الإلزامي وجاهر بذلك، ولكن الحاكم رفض المسّ بالإحتياطي، وأمام فشل الحكومة بتأمين الأموال، اختارت أسهل الدروب، فأنجزت مشروعها وضمنتّه فتح اعتماد إضافي استثنائي بقيمة 1.235 مليار دولار في الموازنة العامة لعام 2021 قبل تصديقها، وذلك لتغطية النفقات التي ترتّبها البطاقة التمويلية، وهكذا رمت بمشروعها المشوّه بملعب المجلس النيابي ليتدبّر أمر تمويل البطاقة.

بهذه الصيغة تبيع حكومة دياب المواطن سمكًا بالبحر، لا بل هي ترمي أرنبًا ليركض في الحلبة، بحسب تعبير النائب نقولا نحاس الذي فضّل الإطلاع على نص مشروع الحكومة علّه يتضمن عجيبة ما، ولكن في حال اقتصرت الصيغة على تمويله من خلال فتح اعتماد استثنائي فهذا يعني دينًا إضافيا، ومن خلال موازنة لم تقر بعد.
يضيف نحّاس مع اتصال مع “لبنان 24” كل ما يحصل هو خارج الأصول “فمشروع البطاقة التمويلية يجب أن يرد ضمن مشروع الموازنة، وفي إطار المشروع الأشمل، بدءا بتأليف حكومة إنقاذية وليس حكومة صورية، تضع خلال سبعة أو ثمانية أشهر برنامجًا متكاملًا وجريئًا للإصلاح، ليس لتحفيز الإقتصاد فحسب، بل لتنفيذ اصلاحات أساسية بنيوية قاسية، بموازة ذلك تضع موضع التنفيذ مشروعًا موازيًا للدعم الإجتماعي، وهذا تصوّر لا يمكن تجزئته. لكن ما يطرح اليوم عبارة عن عناوين، فساعة نرمي بعنوان التدقيق جنائي، الذي يحتاج سنوات ليثمر نتائج، وساعة أخرى نرمي عنوان استعادة الأموال المنهوبة، بينما الحلول التي تعطي مفاعيل لا أحد يتكلّم بها، والبطاقة اليوم بدورها عنوانًا من ضمن سلّة العناوين المطروحة، وكلّ ذلك من دون إطار يثبت مصداقية ما نطرحه”.

الإطار البديهي هنا هو الحكومة القادرة على وقف عجلات الإنهيار وتدفّق المساعدات الخارجية، ومن بدونها عبثًا تحاول السلطة إلهاء الناس بمشاريع غير قابلة للتطبيق إن لم نقل وهميّة أو كاذبة. والأمر ينسحب على البطاقة التمويلية، التي إذا ما أُقرّت بهذه الصيغة، ومن دون تمويل، ستنضم إلى قافلة القوانين الصادرة عن المجلس النيابي مع وقف التنفيذ، وقانون الدولار الطالبي أبرز دليل.

مشروع الحكومة وفي المادة الأولى منه حدّد قيمة المساعدة المالية الشهرية بمبلغ وسطي قدره 137 دولاراً أميركياً، تغطي حوالي 750 ألف عائلة، بقيمة 1.235 مليار دولار، أي ما يعادل 1.871 ألف مليار ليرة. وهنا تبرز إشكالية أخرى في البطاقة الموعودة، وهي الأسر التي سوف تشملها المساعدة، إذ لا أحد يعلم وفق أي معيار حّددت الحكومة الأسر المحتاجة، علمًا أنّ أكثر من 60% من الشعب اللبناني باتوا في عداد الفقراء، بفعل تآكل رواتبهم وتدني قدرتهم الشرائية واختفاء الطبقة الوسطى. في السياق كان البنك الدولي في تقرير المرصد الاقتصادي للبنان، بنهاية العام 2020، توقّع أن يصبح أكثر من نصف سكان البلاد فقراء بحلول 2021، عندما وضع تقريره كان سعر صرف الدولار في حينه بحدود الـ 8 الآف ليرة، أمّا اليوم فقد اتسعت دائرة الفقراء مع ارتفاع سعر الصرف إلى عتبة الـ 13 ألف ليرة. يضاف إلى ذلك أنّ هناك أعدادًا هائلة من الموظفين سيتحولون إلى محتاجين بعد رفع الدعم، ولعل القوى الأمنية في مقدمهم، فهل احتسبوا هؤلاء من ضمن الأسر المحتاجة؟ ومن يضمن الشفافية في توزيع البطاقة؟
كل هذه الإشكاليات تقودنا إلى خلاصة واحدة، البطاقة التمويلية دونها صعوبات جمّة، على الأرجح لن تقر بالسرعة المطلوبة، وإذا أقرت لن تطبّق، فكفوا عن إيهام الناس بمشاريعكم الوهميّة، ووقعّوا على مرسوم واحد، عنوانه تأليف حكومة تنقذ ما يمكن إنقاذه قبل أن يغرق بنا المركب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى