الكيان الإسرائيلي يحاكي حربًا عسكرية وإعلامية شاملة ضد “حزب الله”…
بدأ جيش الكيان الإسرائيلي أمس الأحد أكبر مناورة في تاريخه، والتي تحاكي على مدى شهر كامل حربًا شاملة على كل الجبهات من الشمال إلى الجنوب، على رغم التوتر الحاصل على الساحة الفلسطينية، وما يتعرّض له المقدسيون من إعتداءات على ايدي الإسرائيليين.
وترافقت هذه المناورة مع تحذيرات أطلقها الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله في يوم القدس، حيث قال: “نحن سنكون حذرين ابتداء من الأحد”، كاشفا عن أن الحزب سيقوم بكل الخطوات بهدوء، وسيتابع سير المناورات”، محذرا العدو من “أي تفكير خاطئ تجاه لبنان، ومن أي محاولة للمس بقواعد الاشتباك”، وقال: “نحن لن نتسامح مع أي خطأ أو تجاوز أو خطوة من قبل الكيان الاسرائيلي، وهذه رسالتي الواضحة له”.
وهذه المناورة مقدّر لها أن تحاكي حربا شاملة ضد “حزب الله” ” وحركة “حماس”، مع إطلاق مكثف للصواريخ من كل الساحات على الجبهة الداخلية. وبالتوازي أعلن “حزب الله” حال إستنفار عامة وجهوزية غير مسبوقة، وهي الأضخم منذ حرب تموز، وذلك تحسبًا لأي طارىء، في ظل تمادي العدو في إستفزازاته، التي يُعتقد أنها تأتي في الوقت الإسرائيلي الضائع بعد التخبط الداخلي الذي تعاني منه الساحة الإسرائيلية، التي قد تقود إلى حرب أهلية داخلية، وفق ما اشار إليه السيد نصرالله، الذي إعتبر أن المناورة الإسرائيلية بهذا الحجم هي دليل ضعف، ونتيجة طبيعية لحال الضياع التي يعيشها الكيان الإسرائيلي.
وبحسب دراسة صادرة عن معهد أبحاث الأمن القومي في تل أبيب، فإن “الصراع على الوعي السياسي هو جزء من معركة تديرها إسرائيل، بهدف إضعاف “حزب الله” وكبح نشاطه ضدها”. ولهذه الغاية، يضيف المعهد، أن إسرائيل تعمل إزاء مختلف الشرائح في لبنان وأمام مختلف الجهات في الساحة الدولية وفي العالم العربي. وتوصي الدراسة َّ بضرورة مواصلة الجهد على مستوى الوعي بشكل دائم ومكثف أمام “حزب الله”، عبر أدوات علنية وسرية، مع تنسيق مواصلة الجهد على مستوى الوعي بشكل دائم ومكثف حيال مختلف الجماهير المستهدفة”، بعدما أقرت الدراسة أيضاً بأن “إسرائيل نجحت جزئيا فقط، وهي تجد صعوبة في التأثير على البيئة الشيعية الموالية لـ”حزب الله”.
ونظرا إلى محدودية تأثير أي دور مباشر للكيان الإسرائيل في هذه الحملة، شددت الدراسة على ضرورة أن يتم نقل الرسائل التي يُراد الترويج لها عبر جهات غير محسوبة على إسرائيل وسط الجمهور اللبناني ووسط الممتعضين من “حزب الله”. وفي هذا السياق، توجه قائد المنطقة الشمالية في الجيش الإسرائيلي اللواء أمير برعام، في كلمته إلى الشعب اللبناني، في الوقت الذي كان يلقي قبل أيام خطابا أمام جنوده، ويؤكد لهم المفاهيم التي ينبغي أن ينظروا من خلالها إلى “حزب الله”. وتوجه الى اللبنانيين باللغة العربية قائلا إن “حزب الله” إحتلال إيراني للبنان”، وعمد أيضا إلى مخاطبة اللبنانيين بالقول إن الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله لا يهتم بكم”.
وقبل أيام، حمل الإعلام الإسرائيلي تهديدات من المؤسسة العسكرية الإسرائيلية للبنان و”حزب الله”، على خلفية تصنيع وتطوير صواريخ دقيقة، مع ترجيحات بأن القرار بالمعالجة العسكرية لـ”مشروع الدقة” قد يأتي قريبًا.
رسالة الجيش الإسرائيلي، عبر تقرير نشرته صحيفة “هآرتس”، كانت مشبعة بالدلالات، وجاء فيها: “بات لدى “حزب الله” أكثر من مئة صاروخ دقيق في لبنان، وهو يعمل على إنشاء خطوط تجميع من شأنها تحويل الصواريخ “الغبية” إلى أسلحة ذكية ودقيقة قادرة على إصابة هدف على مسافة تزيد على 100 كيلومتر بمدى الإنحراف لا يتعدى أمتارا قليلة. ويمكن لإسرائيل أن تعتبر نتيجة هذه الجهود سببا كافيا للقيام بخطوة هجومية، ومن المحتمل أن تصل إلى حد إتخاذ هذا القرار العام المقبل.
وعلى رغم أن الهدف الأساس من رسالة الجيش الإسرائيلي، عبر “هآرتس”، هو التهديد لردع “حزب الله” ودفعه إلى الإنكفاء عن التصنيع والتطوير، إلا أنها تتضمن إقرارا بأن جهود إسرائيل، ومنها المعركة بين الحروب والإعتداءات في أكثر من ساحة، قد فشلت في منع الحزب من إمتلاك مكّونات التصنيع. كما أنها تشير إلى أن المواجهة الإسرائيلية، من الآن وصاعدا، ستخاض لمنع خط الإنتاج بعد الفشل في منع إمتلاك مكّوناته. والفرق بين المسارين كبير جدا.
من جهته يقرأ “حزب الله” التهديات الإسرائيلية بأعصاب باردة وبجهوزية لم يسبق لها مثيلًا، خصوصًا أن ردّه سيكون حاسمًا هذه المرّة في حال فكرّت إسرائيل بأن تستهدف أي موقع له، سواء في لبنان أو في سوريا، وهو يراقب بدقة سير المناورة الإسرائيلية على الحدود، وفق مخططات معدّة سلفًا تحالكي حجم هذه المناورة وخطورتها، مع تفعيل مبادراته داخل بيئته من النواحي الإقتصادية والمعيشية في ظل الأزمة التي يعاني منها جميع اللبنانيين.