طار شكري وحط زكي… لا بوادر حلحلة حكومية والتدقيق الجنائي لحرف الأنظار؟

لا تزال الزحمة السياسية على الساحة اللبنانية في أعلى مستوياتها، فبعد أن غادر أمس وزير الخارجية المصرية سامج شكري بيروت بعد جولة من اللقاءات عقدها مع عدد من القادة، في حين وصل مساء أمس الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية حسام زكي الذي سينقل “موقف الجامعة العربية الداعي إلى ضرورة الاسراع في تشكيل حكومة فوراً وفق مندرجات المبادرة الفرنسية”.
ونقل وزير خارجية مصر سامح شكري امس، رسالة للرئيس ميشال عون من نظيره المصري عبدالفتاح السيسي، وجال على كلٍّ من الرئيس نبيه بري والبطريرك الماروني بشارة الراعي ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، والتقى في مقر إقامته رئيس حزب الكتائب سامي الجميل ورئيس تيار المردة سليمان فرنجية، واجرى اتصالا برئيس القوات اللبنانية سمير جعجع، قبل ان يُنهي جولته بلقاء رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري ويعقد من بيت الوسط مؤتمراً صحافياً. ولكنه استثنى من لقاءاته رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب، ووزير الخارجية شربل وهبه ولو بلقاء بروتوكولي، ربما لأنهما غير معنيين بتشكيل الحكومة.
وجاءت هذه الجولة غداة فشل المحاولة التي أجريت لعقد لقاءات في باريس، اذ بدا ثابتاً ان السيناريو الذي جرى تداوله في هذا السياق قد طوي تماما. وعاد الملف الحكومي الى دائرة الشكوك بقوة في ظل الاتجاهات التي بدأت تكشفها الضغوط الفرنسية حول احتمال اضاءة الأضواء الخضراء امام عقوبات يتردد ان أوانها قد حان.
جولة شكري: لا مبادرة
وعلمت “اللواء” ان الوزير شكري لم يحمل مبادرة مصرية بمعنى الكلمة لحل الأزمة الحكومية، بل حمل نصائح واكد على دعم المبادرة الفرنسية وعلى إبقائها حية، وشدد على ضررة تلقف القوى السياسية المبادرات والأفكار المطروحة لتشكيل الحكومة، ومنها المبادرة الاخيرة للرئيس نبيه بري.
واشارت مصادر المعلومات الى ان شكري على تنسيق مع فرنسا، وقالت: أن مصر ترى ان هناك مخاطر على لبنان والقلق كبير اذا تأخر تشكيل الحكومة، نظراً للأوضاع الاقتصادية والمعيشية والسياسية القائمة. وهوفي الوقت ذاته اكد على وقوف مصر الدائم الى جانب لبنان ومحبتها له.
ونقلت المصادر عبر “نداء الوطن” أنّ شكري عبّر عن “استياء مصر من استمرار تأزم الوضع في لبنان من دون تشكيل حكومة”، وحذر من أن “الوضع سيسوء أكثر إذا لم يحصل التأليف سريعاً”، مؤكداً أنّ القاهرة تتحرك بالتنسيق مع الفرنسيين إزاء الملف اللبناني، وأنها “مع المبادرة الفرنسية بمندرجاتها الأصلية وليس المعدّلة”، في إشارة إلى ضرورة تأليف حكومة اختصاصية لا تكنو- سياسية.
وفي هذا السياق، لا تزال مبادرة بري حيّة ترزق، رغم العقبات التي تواجهها. وبحسب معلومات “الأخبار”، ثمة مستوى متقدّم من التواصل الداخلي “الجدي” بين القوى السياسية، خصوصاً التيار الوطني الحر وحركة أمل وحزب الله والحريري. وبحسب مصادر سياسية رفيعة المستوى، المشكلة الأساسية التي تعتري مبادرة بري هي في تفسير الحريري لها، لجهة منحه نفسه حق تسمية وزراء مسيحيين خارج حصة رئيس الجمهورية. لكن هذه المشكلة حُلَّت، بحسب المصادر، “فحتى الحريري صار مسلّماً بأنه لن يسمّي أي وزير مسيحي”.
التدقيق الجنائي
وبرز أمس أيضاً الكلمة التي وجهها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الى اللبنانيين حول موضوع التدقيق الجنائي، بمحاولة متجددة للتهرب من مسؤولية الرئاسة في تعطيل تشكيل الحكومة الجديدة والالتفاف على المطالبة الملحة لتشكيلها في أقرب وقت ممكن، وتوجيه انظار الناس بعيدا عن مواصلة الضغوط على رئيس الجمهورية وتحميله بالداخل والخارج مسؤولية التعثر والاهتراء السياسي وانهيار الدولة.
في المقابل، اعتبرت “البناء” وبحسب مصادر سياسيّة، فإن رئيس الجمهورية فتح المواجهة المباشرة مع حاكم مصرف لبنان والفريق السياسيّ الذي يدعمه وبالتالي أضيف الى التعقيدات التي تواجه تأليف الحكومة عنصر اشتباك جديد تمثل بإصرار عون على تنفيذ قرار التدقيق الجنائي وكشف حسابات مصرف لبنان كمدخل للإصلاح ولتطبيق المبادرة الفرنسية ولإنجاح الحكومة، ما يعني أن التدقيق بات مفتاح تأليف الحكومة، كما أوحى عون في كلامه أمس.