حزب الله “محروق” على حكومة… فهل يطيح بها حليفه ؟
رغم مشهد تقاذف كرة الاتهامات المتبادلة بتعطيل تأليف الحكومة بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري، تكثر أسئلة خصوم حزب الله حول تموضع الحزب في الملف الحكومي وصمته الأكثر جدليّة من عرقله حليفه رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل تشكيل الحكومة، وتقود هذه الأسئلة تلك القوى إلى القول إن هناك تبادل أدوار بين ميرنا الشالوحي وحارة حريك في شأن تعطيل التأليف بانتظار أن تتبلور حقيقة التموضعات الاقليمية – الدولية مع اقتراب المفاوضات الإيرانية – الأميركية المتوقعة بعد حزيران المقبل.
يوم الأربعاء صرح الأمين العام لـ”حزب الله”، حسن نصر الله، بأنه على الجميع إدراك أن لبنان استنفد وقته، وآن الأوان للتوصل إلى حل وأن طريق الحل هو تشكيل الحكومة. وقال”لسنا في مرحلة يأس وهناك جهود جادة وجماعية من أكثر من جهة للتعاون لتذليل العقبات”. وطالب نصرالله من وصفهم بحلفاء أميركا بإعادة النظر في حساباتهم، معللا ذلك بأن “اليوم هو أفضل لهم من الغد”، داعيا اللبنانيين إلى عدم انتظار أميركا والعالم والتطورات، بل يجب البدء في حوارات داخلية وإقليمية لعلاج مشاكلهم.
فهل من جديد في موقف حزب الله من تأليف الحكومة؟ وهل ينتظر كلمة السر الخارجية؟
تنذر التطورات الراهنة في لبنان على الأصعدة كافة أنه لم يعد بمقدور أحد من القوى والأحزاب السياسية اللعب على الوقت لتحقيق مكسب سياسي من هنا او حصة وزارية من هناك، لأن البلد على وشك الانفجار الاجتماعي، وهذا الأمر لن يكون في مصلحة أي مكون سياسي، مهما اختلفت التصنيفات والتقييمات للأحزاب.
يدرك حزب الله الوقائع المستجدة بعد 17 تشرين جيداً، ومعها يدرك أيضاً ما يحصل من انفلات أمني غير مسبوق مع ارتفاع معدلات القتل والسرقة والتعدي على الأملاك العامة والخاصة سواء في الضاحية أو في الجنوب او في البقاع أو في المناطق اللبنانية الأخرى، من جراء التدهور الاقتصادي والمالي والمعيشي، ولذلك يعي، بحسب المقربين منه، هذه اللحظة المفصلية الدقيقة وخطورة احتدام أية اشتباكات في الشارع. فصحيح أنه لا يزال يشكل إلى حد كبير القوة الأكثر تماسكا بين القوى السياسية الأخرى، بيد أنه أيضاً يتطلع بحذر إلى أدوار يلعبها بعض الفرقاء السياسيين وعلى رأسهم بعض حلفائه والتي من شأنها إذا طالت أن تلحق الضرر الكبير به قبل غيره، خاصة وانه مقتنع أن الخاسر الأول من انهيار البلد سيكون رئيس الجمهورية ومعه المقاومة.
إذا حزب الله، وبحسب المصادر نفسها،”محروق” على تأليف الحكومة اليوم قبل الغد ومن غير الصواب تحميل حارة حريك مسؤولية عدم انضاج التسويات المتصلة بالعملية الحكومية، فالحزب ،منذ اليوم الأول أعلن تمسكه بالمبادرة الفرنسية وبقي على تواصل مستمر مع موفدي الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في سبيل الدفع نحو الإسراع في تأليف الحكومة. ولذلك فإن اعتبار بعض القوى السياسية أن حزب الله يراهن على تفاوض واشنطن مع طهران، ليس إلا قراءة خاطئة، فمن يدعي ذلك، يوحي وكأن اميركا تريد الاستقرار في لبنان وأن ايران تضغط عليها لمقايضتها الاستقرار فيه وهذا مناف للواقع وللحقيقة، علما أنه بات معلوما أن أي مفاوضات أميركية – إيرانية سوف تكون محصورة بالملف النووي ولن تطال ملفات المنطقة.
الأكيد، بحسب المصادر، أن كلام الأمين العام لحزب الله ولو كان مختصرا في الشق الحكومي، بيد أنه ثبت أن هناك حراكا جديا على خط التأليف، وأن هناك رهانا فعليا على تشابك المبادرات المحلية والتنسيق في المشاورات الحاصلة بين المقرات، هذا فضلا عن أن السيد نصر الله، بحسب المصادر نفسها، طمأن الرئيس الحريري وأعطى قوة دفع للرئيس نبيه بري وأبدى تفهما لهواجس الرئيس عون، الذي بحسب المتابعين، اتعب الحزب كثيرا في الفترة الماضية فالأخير، منذ تكليف الرئيس الحريري كرر مرارا محاولاته اقناع رئيس الجمهورية بضرورة تسهيل تشكيل الحكومة وعدم فرض الشروط، ووصل به الأمر إلى حد” تلطيشه” في الإعلام وفي بعض الاطلالات عن انه يتفهم موقف الحريري انه لا يريد ان يكون لفريق واحد الثلث الضامن وهذا الأمر يعد سابقة في العلاقة بينهما لكن من دون جدوى.
المهم اليوم أن تفاهما يكاد ان يحصل على تأليف حكومة من 24 وزيرا لا ثلث ضامن فيها لأحد، والعمل جار على تحقيق الضمانات المتبادلة لتسقط على التفاصيل المتصلة بوزراء كل فريق والحقائب، علما أن وزارة الداخلية سوف تكون من حصة الرئيس عون شرط أن يحصل الإسم المقترح لها على موافقة الرئيس الحريري.
لكن يبقى الترقب سيد الموقف ، فهل سيعدل الرئيس عون في مواقفه ويقبل بمبادرة عين التينة لحكومة من 24وزيرا؟ حتى الساعة لا يرى الرئيس عون في مبادرة الرئيس بري، إلا مجموعة أفكار لم تنضج بعد، والخوف يكمن، بحسب المتابعين في الإطاحة بالمؤشرات الإيجابية مجددا.
الأهم أنه في سياق المبادرات المحلية، يأتي اتصال بالغ الأهمية من حيث التوقيت بين الرئيس الفرنسي وولي العهد السعودي محمد بن سلمان فهما أكدا أنهما يتشاركان الرغبة نفسها في رؤية حكومة ذات مصداقية في لبنان لإخراجه من أزمته الحادّة. فالعامل الخارجي وان كان متلطيا خلف العقبات الداخلية ، لكنه يبقى أيضا عنصرًا اساسيا في معالجة الأزمة.
هتاف دهام_ لبنان24