بين “فورة الغضب” واستهداف رئيس الجمهورية… الجيش لن يتورط في المشاحنات
في الصراع الدائر حاليآ على جبهات مختلفة في لبنان، تتسابق القوى السياسية في طرح الأفكار او السيناريوهات المتوقعة للمرحلة المقبلة، طالما ان الفشل الذريع استحكم بحسابات القوى الأساسية وحساباتها.
البلد اليوم أمام منعطف خطر يهدّد كيانه امام اخطر ازمة سياسية ومالية واقتصادية المت به. وطفى على السطح منذ ما بعد 17تشرين 2020 الترويج لاعادة هيكلة سياسية ووضع قواعد جديدة لتقاسم السلطة، من منطلق رؤية كل مكون سياسي وطائفي لمستقبل النظام السياسي في لبنان، ان لجهة الدعوة إلى مؤتمر تأسيسي ينتج عنه عقد اجتماعي جديد، او الدعوة إلى الفيدرالية او اللامركزية المالية كخشبة خلاص للبنان، علما ان الذهاب الى تنفيذ دعوات كهذه دونه عقبات تتصل بشبح الفتنة التي تطل برأسها عند كل استحقاق رئاسي ونيابي او ما يتصل بملفات الفساد في قطاعات الدولة.
هذه الطروحات كلها تأتي في خضم الحرب الدائرة على جنس ملائكة الحكومة العتيدة ورئيسها، وفشل كل المبادرات المحلية والتسويات.صحيح ان الرئيس المكلف سعد الحريري حصل على عدد لا بأس به من الاصوات لتأليف الحكومة، بيد ان المشكلة الحقيقية التي تقف عائقا أمام التشكيل ليست في الثلث المعطل او تسمية الوزراء انما تكمن في ان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل لا يريدان الحريري رئيسا لحكومة سواء من 18وزيرا او من 24 وزيرا لحسابات تتعلق بالخلاف الحاد على خط بيت الوسط – ميرنا الشالوحي.
من هنا تأتي مصادر متابعة لملف الحكومة على أجواء سربت في الأسابيع الماضية حيال مشاورات أجراها الرئيس عون وفريقه الرئاسي حول تشكيل حكومة عسكرية موقتة، معتبرة ان الهدف من التسريب كان الضغط على الحريري لتسريع التاليف وفق الشروط العونية. وايا تكن صحة هذه المعلومات من عدمها، فإن مصادر بعبدا تنفي ذلك نفيا قاطعا وتعتبر ل “لبنان 24 “ان هذا الكلام يصب في خانة حملة التحريض والاتهامات التي تكال ضد الرئيس عون من أشخاص معروفين الاهداف. ومع ذلك فإن خطوة كهذه لو حدثت فهي لا تعتبر انقلانية، بحسب اوساط سياسية بارزة، بيد ان الدعوة إلى انقلاب،تصح بحسب الاوساط نفسها، على دعوة نائب رئيس مجلس النواب ايلي الفرزلي في حديث تلفزيوني امس قيادة الجيش والقوى المسلحة الى استلام السلطة في البلد.
ان داعمي فكرة الفرزلي ينطلقون في تبريرهم لها، من منطلق الانهيار الذي أصاب الدولة بمؤسساتها المالية والاقتصادية والقضائية، وانه حرصا على المؤسسات، آن الاوان للتحرك لانقاذ ما يمكن انقاذه حفاظا على لبنان الكيان الذي وحدها المؤسسة العسكرية قادرة على سحبه من القعر الذي اوقتعه فيه الطبقة السياسية.
لكن السؤال المطروح اليوم هل هذا الكلام يعبر عن صرخة وجع لشخصيات سياسية استفزها مشهد القضاء المسيس وصراع القضاة والكيديات السياسية وجوع المواطنين وسرقة اموالهم، ام هو ترويج لفكرة مضمرة؟
ان طرح تولي الجيش السلطة في لبنان ورد في صالونات عدد من السفارات في سنوات خلت من زاوية تطبيق السيناريوهين المصري والسوداني، ولم يلق اي صدى من منطلق لعبة الخصوصيات الطائفية في لبنان وواقع البلد وتناقضاته. والأكيد بحسب مصادر متابعة ل “لبنان 24″ ان من المستحيل ان تقبل الأحزاب السياسية على مختلف انتماءاتها بأن يتولى الجيش السلطة لاعتبارات كثيرة يعرفها اصحاب هذا الطرح قبل سواهم، هذا عطفا عن ان حزب الله القوة الاكبر في البلد لن يغطي افكارا كهذه من شأنها ان تسقط الخصوصية اللبنانية، عطفا عن ان النظام الطائفي يتغلغل في عمق المؤسسات العسكرية والمؤسسات الامنية الأخرى.
ثمة من يقول ان الطرح غير محسوب لانه يشكل مشروع حرب، بيد ان مؤيديه يرون انه طرح وطني وهو بمثابة رسالة سياسية ورمي حجر كبير في مياه الازمة الراكدة، في حين ان مصادر بعبدا تكتفي بالقول ان كلام الفرزلي فورة غضب معروفة الاهداف. نكبر الحجر من القضاء الدولي إلى القضاء العرفي، ونشل قدرة القضاء السيادي على التحرك لمداهمة اوكار الفساد ومحاربة الفساد بمعزل عن الشكل الذي لنا عليه ملاحظات، لتكتفي مصادر مقربة من حزب الله بدورها بالقول:”الدعوة موجهة ضد الرئيس عون وتستهدفه”.
وايا تكن مواقف الطبقة السياسية وطروحاتها التي غالبا ما تنم عن دوافع شخصية وتصفية حسابات، فالثابت الوحيد ان قيادة الجيش، لن تنجر الى كلام كهذا وهي تتعاطى بكثير من الحذر مع مواقف القوى السياسية المتصلة بالكثير من الملفات وليس آخرها ملف ترسيم الحدود البحرية، ولطالما حذر قائد الجيش العماد جوزاف عون من توريط المؤسسة العسكرية في المشاحنات السياسية.